( 1134 ) مسألة : قال : ( وإن ) ( أعاد القارئ وحده ) . ( أم أمي أميا وقارئا )
الأمي من لا يحسن الفاتحة أو بعضها ، أو يخل بحرف منها ، وإن كان يحسن غيرها ، فلا يجوز لمن يحسنها أن يأتم [ ص: 14 ] به ، ويصح لمثله أن يأتم به ، ولذلك خص القارئ بالإعادة فيما إذا أم أميا وقارئا . وقال الخرقي : هذه المسألة محمولة على أن القارئ مع جماعة أميين حتى إذا فسدت صلاة القارئ بقي خلف الإمام اثنان فصاعدا . فإن كان معه أمي واحد ، وكانا خلف الإمام أعادا جميعا ; لأن الأمي صار فذا . القاضي
والظاهر أن إنما قصد بيان الخرقي ، وهذا يخص القارئ دون الأمي ، ويجوز أن تصح صلاة الأمي ; لكونه عن يمين الإمام ، أو كونهما جميعا عن يمينه ، أو معهم أمي آخر ، وإن فسدت صلاته لكونه فذا ، فما فسدت لائتمامه بمثله ، إنما فسدت لمعنى آخر . وبهذا قال من تفسد صلاته بالائتمام بالأمي ، مالك في الجديد . وقيل عنه : يصح أن يأتم القارئ بالأمي في صلاة الإسرار دون صلاة الجهر . وقيل عنه : يجوز أن يأتم به في الحالين ; لأنه عجز عن ركن ، فجاز للقادر عليه الائتمام به ، كالقاعد بالقائم . وقال والشافعي : تفسد صلاة الإمام أيضا ; لأنه لما أحرم معه القارئ لزمته القراءة عنه ، لكون الإمام يتحمل القراءة عن المأموم ، فعجز عنها ، ففسدت صلاته . أبو حنيفة
ولنا على الأول ، أنه ائتم بعاجز عن ركن سوى القيام يقدر عليه المأموم ، فلم تصح ، كالمؤتم بالعاجز عن الركوع والسجود ، ولأن الإمام يتحمل القراءة عن المأموم ، وهذا عاجز عن التحمل للقراءة الواجبة على المأموم ، فلم يصح له الائتمام به ، لئلا يفضي إلى أن يصلي بغير قراءة ، وقياسهم يبطل بالأخرس والعاجز عن الركوع والسجود والقيام ، ولا مدخل للتحمل فيه ، بخلاف القراءة . ولنا على صحة صلاة الإمام ، أنه أم من لا يصح له الائتمام به ، فلم تبطل صلاته ، كما لو أمت امرأة رجلا ونساء . وقولهم : إنه يلزم القراءة عن القارئ . لا يصح ; لأن الله تعالى قال : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } ومن لا تجب عليه القراءة عن نفسه ، فعن غيره أولى .
وإن أم الأمي قارئا واحدا ، لم تصح صلاة واحد منهما ; لأن الأمي نوى الإمامة وقد صار فذا . ( 1135 ) فصل : وإن صحت صلاته ; لأن الظاهر أنه لا يتقدم إلا من يحسن القراءة ، ولم يتخرم الظاهر ، فإنه أسر في موضع الإسرار ، وإن كان يسر في صلاة الجهر ، ففيه وجهان : أحدهما ، لا تصح صلاة القارئ . ذكره صلى القارئ خلف من لا يعلم حاله في صلاة الإسرار ; لأن الظاهر أنه لو أحسن القراءة لجهر . القاضي
والثاني : تصح ; لأن الظاهر أنه لا يؤم الناس إلا من يحسن القراءة ، وإسراره يحتمل أن يكون نسيانا ، أو لجهله ، أو لأنه لا يحسن أكثر من الفاتحة ، فلا تبطل الصلاة بالاحتمال . فإن قال : قد قرأت في الإسرار . صحت الصلاة على الوجهين ; لأن الظاهر صدقه . ويستحب الإعادة احترازا من أن يكون كاذبا ، ولو أسر في صلاة الإسرار ، ثم قال : ما كنت قرأت الفاتحة . لزمه ومن وراءه الإعادة ، وقد روي عن رضي الله عنه عنه ، أنه صلى بهم المغرب ، فلما سلم قال : أما سمعتموني [ ص: 15 ] قرأت ؟ قالوا : لا . قال : فما قرأت في نفسي . فأعاد بهم الصلاة . عمر
( 1136 ) فصل : ومن ، كالألثغ الذي يجعل الراء غينا ، والأرت الذي يدغم حرفا في حرف ، أو يلحن لحنا يحيل المعنى ، كالذي يكسر الكاف من إياك ، أو يضم التاء من أنعمت ، ولا يقدر على إصلاحه ، فهو كالأمي ، لا يصح أن يأتم به قارئ . ويجوز لكل واحد منهم أن يؤم مثله ; لأنهما أميان ، فجاز لأحدهما الائتمام بالآخر ، كاللذين لا يحسنان شيئا . وإن كان يقدر على إصلاح شيء من ذلك فلم يفعل ، لم تصح صلاته ، ولا صلاة من يأتم به . ( 1137 ) فصل : إذا كان رجلان لا يحسن واحد منهما الفاتحة ، وأحدهما يحسن سبع آيات من غيرها ، والآخر لا يحسن شيئا من ذلك ، فهما أميان ، لكل واحد منهما الائتمام بالآخر ، والمستحب أن يؤم الذي يحسن الآيات ; لأنه أقرأ ، وعلى هذا كل ترك حرفا من حروف الفاتحة ; لعجزه عنه ، أو أبدله بغيره ، يجوز أن يؤم من لا يحسنها ، سواء استويا في الجهل أو كانا متفاوتين فيه . من لا يحسن الفاتحة
( 1138 ) فصل : تكره ، نص عليه إمامة اللحان ، الذي لا يحيل المعنى . وتصح صلاته بمن لا يلحن ; لأنه أتى بفرض القراءة ، فإن أحال المعنى في غير الفاتحة ، لم يمنع صحة الصلاة ، ولا الائتمام به ، إلا أن يتعمده ، فتبطل صلاتهما . أحمد
( 1139 ) فصل : ، فقال ومن لا يفصح ببعض الحروف ، كالضاد والقاف : تكره إمامته ، وتصح ، أعجميا كان أو عربيا ، وقيل في من قرأ { القاضي ولا الضالين } بالظاء : لا تصح صلاته ; لأنه يحيل المعنى يقال : ظل يفعل كذا : إذا فعله نهارا ، فحكمه حكم الألثغ . وتكره إمامة التمتام - وهو من يكرر التاء - ، والفأفاء ، وهو من يكرر الفاء . وتصح الصلاة خلفهما ; لأنهما يأتيان بالحروف على الكمال ، ويزيدان زيادة هما مغلوبان عليها ، فعفي عنها ، ويكره تقديمهما لهذه الزيادة .