[ ص: 358 ] فصل : فإن كان لكل واحد منهما على صاحبه دين ، مثل إن ، وكانا نقدا من جنس واحد ، حالين ، أو مؤجلين أجلا واحدا ، تقاصا ، وتساقطا لأنهما إذا تساقطا بين الأجانب ، فمع السيد ومكاتبه أولى . وإن كانا نقدين من جنسين ، كدراهم ودنانير ، فقال كان للسيد على المكاتب دين من الكتابة أو غيرها ، وللمكاتب على سيده دين ابن أبي موسى : لو كان له على سيده ألف درهم ، ولسيده عليه مائة دينار ، فجعلها قصاصا بها ، جاز ، بخلاف الحرين .
وقال : لا يجوز هذا ; لأنه بيع دين بدين ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الدين بالدين . ولأنه لا يجوز بين الأجنبيين ، فلم يجز بين المكاتب وسيده ، كسائر المحرمات ، وفارق العبد القن ; فإنه باق في تصرف سيده ، وما في يده ملك خالص لسيده ، له أخذه والتصرف فيه . فعلى هذا ، لا يجوز مع التراضي به . وعلى قول القاضي أبي موسى : يجوز إذا تراضيا بذلك ، وتبايعاه ، ولا يثبت التقابض قبل تراضيهما به ; لأنه بيع ; فأما إن كانا عرضين ، أو عرضا ونقدا ، لم تجز المقاصة فيهما بغير تراضيهما بحال ، سواء كان القرض من جنس حقه أو غير جنسه . وإن تراضيا بذلك ، لم يجز أيضا ; لأنه بيع دين بدين .
وإن قبض أحدهما من الآخر حقه ، ثم دفعه إلى الآخر عوضا عن ماله في ذمته ، جاز ، إذا لم يكن الثابت في الذمة عن سلم ، فإن ثبت عن سلم ، لم يجز أخذ عوضه قبل قبضه . وفي الجملة ، إن حكم المكاتب مع سيده في هذا ، حكم الأجانب إلا على قول ابن أبي موسى ، الذي ذكرناه . والله أعلم .