( 8690 ) فصل : فأما ، لكن إن كانت جناية موجبة للمال ، أو موجبة للقصاص ، فعفا الولي إلى مال ، تعلق المال برقبته ، فمن جوز بيعه ، جعل سيده بالخيار بين تسليمه فيباع في الجناية ، وبين فدائه ، فإن سلمه في الجناية فبيع فيها ، بطل تدبيره ، وإن عاد إلى سيده ، عاد تدبيره ، وإن اختار فداءه ، وفداه بما يفدى به العبد ، فهو مدبر بحاله . ومن لم يجز بيعه ، عين فداءه على سيده ، كأم الولد . سائر جناياته ، غير قتل سيده ، فلا تبطل تدبيره
وإن ، بطل تدبيره ، وإن اقتص منه في الطرف ، فهو مدبر بحاله . وإذا [ ص: 331 ] كانت الجناية موجبة للقصاص ، فاقتص منه في النفس ، عتق ، على كل حال ، سواء كانت موجبة للمال أو القصاص ; لأن صفة العتق وجدت فيه ، فأشبه ما لو باشره به . فإن كان الواجب قصاصا ، استوفي ، سواء كانت جنايته على عبد أو حر ; لأن القصاص قد استقر وجوبه عليه في حال رقه ، فلا يسقط بحدوث الحرية فيه . وإن كان الواجب عليه مالا في رقبته ، فدي بأقل الأمرين ; من قيمته ، أو أرش جنايته . مات سيده بعد جنايته ، وقبل استيفائها
وإن ، فأرش الجناية لسيده ; فإن كانت الجناية على نفسه ، وجبت قيمته لسيده ، وبطل التدبير بهلاكه . جني على المدبر
فإن قيل : فهلا جعلتم قيمته قائمة مقامه ، كالعبد المرهون والموقوف إذا جني عليه . قلنا : الفرق بينهما من ثلاثة أوجه ; أحدها ، أن كل واحد من الوقف والرهن لازم ، فتعلق الحق ببدله ، والتدبير غير لازم ; لأنه يمكن إبطاله بالبيع وغيره ، فلم يتعلق الحق ببدله . الثاني ، أن الحق في التدبير للمدبر ، فبطل حقه بفوات مستحقه ، والبدل لا يقوم مقامه في الاستحقاق ، والحق في الوقف للموقوف عليه ، وفي الرهن للمرتهن ، وهو باق ، فيثبت حقه في بدل محل حقه .
الثالث ، أن المدبر إنما ثبت حقه بوجود موت سيده ، فإذا هلك قبل سيده ، فقد هلك قبل ثبوت الحق له ، فلم يكن له بدل ، بخلاف الرهن والوقف ، فإن الحق ثابت فيهما ، فقام بدلهما مقامهما ، وبين الرهن والمدبر فرق رابع ، وهو أن الواجب القيمة ، ولا يمكن وجود التدبير فيها ، ولا قيامها مقام المدبر فيه ، وإن أخذ عبدا مكانه ، فليس هو البدل ، إنما هو بدل القيمة ، بخلاف الرهن ; فإن القيمة يجوز أن تكون رهنا ، فإن قيل : فهذا يلزم عليه الموقوف ، فإنه إذا قتل ، أخذت قيمته ، فاشتري بها عبد يكون وقفا مكانه . قلنا : قد حصل الفرق بين المدبر والرهن من الوجوه الثلاثة ، وكونه لا يحصل الفرق بينه وبين الوقف من هذا الوجه ، لا يمنع أن يحصل الفرق بينه وبين الرهن به .