وروي { لأبي موسى : لقد مررت بك البارحة ، وأنت تقرأ ، ولقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود . فقال أبو موسى : لو أعلم أنك تسمع ، لحبرته لك تحبيرا . } وروي { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال رضي الله عنها أبطأت على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة ، فقال : أين كنت يا عائشة ؟ . فقالت : يا [ ص: 178 ] رسول الله ، كنت أستمع قراءة رجل في المسجد ، لم أسمع أحدا يقرأ أحسن من قراءته . فقام النبي صلى الله عليه وسلم فاستمع قراءته ، ثم قال : هذا عائشة سالم مولى أبي حذيفة ، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا } . أن
وقال صالح : قلت لأبي : " زينوا القرآن بأصواتكم " . ما معناه ؟ قال : أن يحسنه . وقيل له : ما معنى : " من لم يتغن بالقرآن " . قال : يرفع صوته به . وهكذا قال . وقال الشافعي : يتحزن به ، ويتخشع به ، ويتباكى به . وقال الليث ، ابن عيينة ، وعمرو بن الحارث : يستغني به . ووكيع
فأما القراءة بالتلحين ، فينظر فيه ; فإن لم يفرط في التمطيط والمد وإشباع الحركات ، فلا بأس به ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قرأ ، ورجع ، ورفع صوته . قال الراوي : لولا أن يجتمع الناس علي ، لحكيت لكم قراءته . وقال عليه السلام : { } . وقال : { ليس منا من لم يتغن بالقرآن } . ومعنى أذن : استمع . ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي حسن الصوت ، يتغنى بالقرآن ، يجهر به
قال الشاعر :
في سماع يأذن الشيخ له
وقال : هو مكروه على كل حال . ونحوه قول القاضي ، وقال معنى قوله : { أبي عبيد } . أي : يستغني به . قال الشاعر : ليس منا من لم يتغن بالقرآنوكنت امرأ زمنا بالعراق عفيف المناخ كثير التغني
وقال : يتغنى بالقرآن ، يجهر به . وقيل : يحسن صوته به . والصحيح أن هذا القدر من التلحين لا بأس به ; لأنه لو كان مكروها ، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم . ولا يصح حمله على التغني في حديث : { الوليد بن مسلم } . على الاستغناء ; لأن معنى أذن : استمع ، وإنما تستمع القراءة ، ثم قال : يجهر به . والجهر صفة القراءة ، لا صفة الاستغناء . ما أذن الله لشيء ، كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن
فأما إن ، بحيث يجعل الضمة واوا ، والفتحة ألفا ، والكسرة ياء ، كره ذلك . ومن أصحابنا من يحرمه ; لأنه يغير القرآن ، ويخرج الكلمات عن وضعها ، ويجعل الحركات حروفا . وقد روينا عن أفرط في المد والتمطيط وإشباع الحركات ، أن رجلا سأله عن ذلك ، فقال له : ما اسمك ؟ قال : أبي عبد الله محمد . قال : أيسرك أن يقال لك : يا موحامد ؟ قال : لا . فقال : لا يعجبني أن يتعلم الرجل الألحان ، إلا أن يكون حرمه مثل حرم أبي موسى . فقال له رجل : فيكلمون ؟ فقال : لا . كل ذا . واتفق العلماء على أنه تستحب قراءة القرآن بالتحزين والترتيل والتحسين .
وروى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { بريدة } . وقال اقرءوا القرآن بالحزن ، فإنه نزل بالحزن المروذي : سمعت قال لرجل : لو قرأت . وجعل أبا عبد الله ربما تغرغرت عينه . وقال أبو عبد الله زهير بن حرب : كنا عند ، فجاء يحيى القطان محمد بن سعيد الترمذي ، فقال له : اقرأ . فقرأ ، فغشي على يحيى حتى حمل فأدخل . وقال يحيى محمد بن صالح العدوي : قرأت عند ، فغشي عليه [ ص: 179 ] حتى فاته خمس صلوات . يحيى بن سعيد القطان