[ ص: 129 ] فصل : : بسم الله الرحمن الرحيم سبب هذا الكتاب أطال الله بقاء من يصل إليه من قضاة المسلمين وحكامهم ، أنه ثبت عندي في مجلس حكمي وقضائي ، الذي أتولاه بمكان كذا . وإن كان نائبا ، قال : الذي أنوب فيه عن القاضي فلان ، بمحضر من خصمين ; مدع ، ومدعى عليه ، جاز استماع الدعوى منهما ، وقبول البينة من أحدهما على الآخر ، بشهادة فلان وفلان ، وهما من الشهود المعدلين عندي ، عرفتهما ، وقبلت شهادتهما ، بما رأيت معه قبولها معرفة فلان بن فلان الفلاني ، بعينه واسمه ونسبه . وصفة الكتاب
فإن كان في إثبات أسر أسير قال : وإن الفرنج ، خذلهم الله ، أسروه بمكان كذا ، في وقت كذا ، وأخذوه إلى مكان كذا ، وهو مقيم تحت حوطتهم ، أبادهم الله ، وإنه رجل فقير من فقراء المسلمين ، ليس له شيء من الدنيا ، ولا يقدر على فكاك نفسه ، ولا على شيء منه ، وإنه مستحق للصدقة ، على ما يقتضيه كتاب المحضر المشار إليه ، المتصل أوله بآخر كتابي هذا ، المؤرخ بكذا .
وإن كان في إثبات دين كتب : وإنه استحق في ذمة فلان بن فلان الفلاني - ويرفع في نسبه ، ويصفه بما يتميز به من الدين - كذا وكذا ، دينا عليه حالا ، وحقا واجبا لازما ، وإنه يستحق مطالبته واستيفاءه منه .
وإن كان في إثبات عين ، كتب : وإنه مالك لما في يدي فلان من الشيء الفلاني - ويصفه صفة يتميز بها - مستحق لأخذه وتسليمه ، على ما يقتضيه كتاب المحضر المتصل بآخر كتابي هذا ، المؤرخ بتاريخ كذا ، وقال الشاهدان المذكوران : إنهما بما شهدا به منه عالمان ، وله محققان ، وإنهما لا يعلمان خلاف ما شهدا به إلى حين أقاما الشهادة عندي ، فأمضيت ما ثبت عندي من ذلك ، وحكمت بموجبه بسؤال من جازت مسألته ، وسألني من جاز سؤاله ، وسوغت الشريعة المطهرة إجابته المكاتبة بذلك إلى القضاة والحكام ، فأجبته إلى ملتمسه ; لجوازه له شرعا ، وتقدمت بهذا الكتاب فكتب ، وبإلصاق المحضر المشار إليه فألصق ، فمن وقف عليه منهم ، وتأمل ما ذكرته ، وتصفح ما سطرته ، واعتمد في إنفاذه والعمل بموجب ما يوجبه الشرع المطهر ، أحرز من الأجر أجزله . وكتب من مجلس الحكم المحروس ، من مكان كذا ، في وقت كذا .
ولا يشترط أن يذكر القاضي اسمه في العنوان ، ولا ذكر اسم المكتوب إليه في باطنه . وبهذا قال . وقال الشافعي : إذا لم يذكر اسمه ، فلا يقبل ; لأن الكتاب ليس إليه ، ولا يكفي ذكر اسمه في العنوان دون باطنه ; لأن ذلك لم يقع على وجه المخاطبة . ولنا ، أن المعول فيه على شهادة الشاهدين على القاضي الكاتب بالحكم ، وذلك لا يقدح فيها ، ولو ضاع الكتاب أو امتحا ، سمعت شهادتهما ، وحكم بها . أبو حنيفة