( 8061 ) مسألة ; قال ( ويجزئه إن أطعم خمسة مساكين ، وكسا خمسة ) وجملته أنه إذا أجزأه ، في قول إمامنا ، أطعم بعض المساكين ، وكسا الباقين ، بحيث يستوفي العدد ، ، وأصحاب الرأي . وقال والثوري : لا يجزئه ; لقول الله - تعالى : { الشافعي فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم } فوجه الدلالة من وجهين ; أحدهما : أنه جعل الكفارة أحد هذه الخصال الثلاثة ، ولم يأت بواحد منها .
الثاني ، أن اقتصاره على هذه الخصال الثلاث دليل على انحصار التكفير فيها ، وما ذكرتموه خصلة رابعة ، ولأنه نوع من التكفير ، فلم يجزئه تبعيضه ، كالعتق ، ولأنه لفق الكفارة من نوعين ، فأشبه ما لو أعتق نصف عبد وأطعم خمسة أو كساهم .
ولنا ، أنه أخرج من المنصوص عليه بعده العدد الواجب ، فأجزأ كما لو أخرجه من جنس واحد ، ولأن كل واحد من النوعين يقوم مقام صاحبه في جميع العدد ، فقام مقامه في بعضه ، كالكفارتين ، وكالتيمم لما قام مقام الماء في البدن كله في الجنابة ، جاز في بعضه في طهارة الحدث ، فيما إذا كان بعض بدنه صحيحا وبعضه جريحا ، وفيما إذا وجد من الماء ما يكفي بعض بدنه ، ولأن معنى الطعام والكسوة متقارب ; إذ القصد منهما سد الخلة ، ودفع الحاجة ، وقد استويا في العدد ، واعتبار المسكنة في المدفوع إليه ، وتنوعهما من حيث كونهما في الإطعام سدا لجوعه .
وفي الكسوة ستر العورة ، لا يمنع الإجزاء في الكفارة الملفقة منهما ، كما لو كان أحد الفقيرين محتاجا إلى ستر عورته ، والآخر إلى الاستدفاء ، ولأنه قد خرج [ ص: 21 ] عن عهدة الذين أطعمهم بالإطعام ، ويخرج عن عهدة الذين كساهم بالكسوة ; بدليل أنه لا يلزمه بالإنفاق أكثر من إطعام من بقي ، ولا كسوة أكثر ممن بقي ، وإذا خرج عن عهدة عشرة مساكين ، وجب أن يجزئه ، كما لو اتفق النوع .
وأما الآية ، فإنها تدل بمعناها على ما ذكرناه ، فإنها دلت على أنه مخير في كل فقير بين أن يطعمه أو يكسوه ، وهذا يقتضي ما ذكرناه ، ويصير كما يخير في الصيد الحرمي بين أن يفديه بالنظير ، أو يقوم النظير بدراهم ، فيشتري بها طعاما يتصدق به ، أو يصوم عن كل مد يوما ، فلو صام عن بعض الأمداد ، وأطعم بعضا ، أجزأ كذلك هاهنا .
وكذلك الدية ، لما كان مخيرا بين إخراج ألف دينار ، أو اثني عشر ألف درهم ، لو أعطى البعض ذهبا ، والبعض دراهم ، جاز . وفارق ما إذا أعتق نصف عبد . وأطعم خمسة أو كساهم ; لأن تنصيف العتق يخل بالآخر ; لما سنذكره بعد هذا .