ولما روت { فاطمة بنت قيس } . وهذا تعريض بخطبتها في عدتها . ولا يجوز التصريح ; لأن الله تعالى لما خص التعريض بالإباحة ، دل على تحريم التصريح ، ولأن التصريح لا يحتمل غير النكاح ، فلا يؤمن أن يحملها الحرص عليه على الإخبار بانقضاء عدتها قبل انقضائها ، والتعريض بخلافه . القسم الثاني ، الرجعية ، فلا يحل لأحد التعريض بخطبتها ، ولا التصريح ; لأنها في حكم الزوجات ، فهي كالتي في صلب نكاحه . ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها لما طلقها زوجها ثلاثا : إذا حللت فآذنيني . وفي لفظ : لا تسبقيني بنفسك . وفي لفظ : لا تفوتينا بنفسك
القسم الثالث ، بائن يحل لزوجها نكاحها ، كالمختلعة ، والبائن بفسخ لعيب أو إعسار ونحوه ، فلزوجها التصريح بخطبتها والتعريض ; لأنها مباحة له نكاحها في عدتها ، فهي كغير المعتدة . وهل يجوز لغيره التعريض بخطبتها ؟ فيه وجهان . فيه أيضا قولان ; أحدهما ، يجوز ; لعموم الآية ، ولأنها بائن فأشبهت المطلقة ثلاثا . والثاني ، لا يجوز ; لأن الزوج يملك أن يستبيحها ، فهي كالرجعية . والمرأة في الجواب ، كالرجل في الخطبة ، فيما يحل ويحرم ; لأن الخطبة للعقد ، فلا يختلفان في حله وحرمته ; إذا ثبت هذا ، فالتعريض أن يقول : إني في مثلك لراغب . وللشافعي
ورب راغب فيك . وقال القاسم بن محمد التعريض أن يقول : إنك علي لكريمة . وإني فيك لراغب . وإن الله لسائق إليك خيرا أو رزقا . وقال الزهري : أنت جميلة . وأنت مرغوب فيك . وإن قال : لا تسبقينا بنفسك . أو لا تفوتينا بنفسك . أو إذا حللت فآذنيني . ونحو ذلك ، جاز . قال : مات رجل ، وكانت امرأته تتبع الجنازة ، فقال لها رجل : لا تسبقينا بنفسك . فقالت : سبقك غيرك . وتجيبه المرأة : إن قضي شيء كان . وما نرغب عنك . وما أشبهه . مجاهد
والتصريح : هو اللفظ الذي لا يحتمل غير النكاح ، نحو أن يقول : زوجيني نفسك . أو إذا انقضت عدتك تزوجتك . ويحتمل أن هذا معنى قوله تعالى [ ص: 113 ] { : ولكن لا تواعدوهن سرا } . فإن النكاح يسمى سرا ، قال الشاعر :
فلن تطلبوا سرها للغنى ولن تسلموها لإزهادها
وقال : السر : الجماع . وأنشد الشافعي لامرئ القيس :ألا زعمت بسباسة القوم أنني كبرت وأن لا يحسن السر أمثالي
فنهي عنه لما فيه من الهجر والفحش والدناءة والسخف .