( 4708 ) فصل : ; أحدها ، إذا التحم الحرب ، واختلطت الطائفتان للقتال ، وكانت كل طائفة مكافئة للأخرى أو مقهورة . فأما القاهرة منهما بعد ظهورها ، فليست خائفة . وكذلك إذا لم يختلطوا ، بل كانت كل واحدة منهما متميزة ، سواء كان بينهما رمي بالسهام أو لم يكن فليست حالة خوف . ولا فرق بين كون الطائفتين متفقتين في الدين أو مفترقتين ويحصل الخوف بغير ما ذكرناه ، في مواضع خمسة ، تقوم مقام المرض
وبه قال ، مالك والأوزاعي ، . ونحوه عن والثوري . وعن مكحول قولان ; أحدهما ، كقول الجماعة . والثاني ، ليس بمخوف ; لأنه ليس بمريض . ولنا ، أن توقع التلف هاهنا كتوقع المرض أو أكثر ، فوجب أن يلحق به ، ولأن المرض إنما جعل مخوفا [ ص: 111 ] لخوف صاحبه التلف ، وهذا كذلك . قال الشافعي : إذا حضر القتال ، كان عتقه من الثلث أحمد
وعنه : إذا التحم الحرب ، فوصيته من المال كله . فيحتمل أن يجعل هذا رواية ثانية ، وتسمى العطية وصية تجوزا ; لكونها في حكم الوصية ، ولكونها عند الموت . ويحتمل أن يحمل على حقيقته في صحة الوصية من المال كله . لكن يقف الزائد على الثلث على إجازة الورثة ، فإن حكم وصية الصحيح وخائف التلف واحد . الثانية ، إذا قدم ليقتل ، فهي حالة خوف ، سواء أريد قتله للقصاص ، أو لغيره .
فيه قولان : أحدهما : أنه مخوف . وللشافعي
والثاني : إن جرح فهو مخوف ، وإلا فلا ; لأنه صحيح البدن ، والظاهر العفو عنه
ولنا ، أن التهديد بالقتل جعل إكراها يمنع وقوع الطلاق ، وصحة البيع ، ويبيح كثيرا من المحرمات ، ولولا الخوف لم تثبت هذه الأحكام ، وإذا حكم للمريض وحاضر الحرب بالخوف مع ظهور السلامة ، وبعد وجود التلف ، فمع ظهور التلف وقربه أولى ، ولا عبرة بصحة البدن فإن المرض لم يكن مثبتا لهذا الحكم لعينه ، بل لخوف إفضائه إلى التلف ، فثبت الحكم هاهنا بطريق التنبيه ، لظهور التلف . الثالثة ، إذا ركب البحر ، فإن كان ساكنا فليس بمخوف ، وإن تموج واضطرب وهبت الريح العاصف ، فهو مخوف .
فإن الله تعالى وصفهم بشدة الخوف ، بقوله سبحانه : { هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين } . الرابعة ، الأسير والمحبوس ، إذا كان من عادته القتل ، فهو خائف ، عطيته من الثلث ، وإلا فلا . وهذا قول ، أبي حنيفة ، ومالك ، وأحد قولي وابن أبي ليلى . وقال الشافعي الحسن لما حبس الحجاج : ليس له من ماله إلا الثلث إياس بن معاوية
وقال أبو بكر : عطية الأسير من الثلث . ولم يفرق . وبه قال الزهري ، ، والثوري وإسحاق . وحكاه عن ابن المنذر . وتأول أحمد ما روي عن القاضي في هذا على ما ذكرناه من التفصيل ابتداء . وقال أحمد الشعبي ، : الغازي عطيته من الثلث . وقال ومالك : إذا وضع رجله في الغرز . وقال مسروق الأوزاعي : المحصور في سبيل الله ، والمحبوس ينتظر القتل أو تفقأ عيناه ، هو في ثلثه
والصحيح ، إن شاء الله ، ما ذكرنا من التفصيل ; لأن مجرد الحبس والأسر من غير خوف القتل ليس بمرض ، ولا هو في معنى المرض في الخوف ، فلم يجز إلحاقه به ، وإذا كان المريض الذي لا يخاف التلف عطيته من رأس ماله ، فغيره أولى . الخامسة ، إذا وقع الطاعون ببلدة ، فعن أنه مخوف . ويحتمل أنه ليس بمخوف ; فإنه ليس بمرض ، وإنما يخاف المرض . والله أعلم . أحمد