( 3371 ) فصل : الحال الثاني ، فحكم المرتهن في الانتفاع به ، بعوض أو بغير عوض ، بإذن الراهن ، كالقسم الذي قبله . وإن أذن له في الإنفاق والانتفاع بقدره ، جاز ; لأنه نوع معاوضة . وأما مع عدم الإذن ، فإن ما يحتاج فيه إلى مؤنة ، وغيرهما ، فأما المحلوب والمركوب ، فللمرتهن أن ينفق عليه ، ويركب ، ويحلب ، بقدر نفقته ، متحريا للعدل في ذلك . ونص عليه الرهن ينقسم قسمين ; محلوبا ومركوبا ، في رواية أحمد محمد بن الحكم ، وأحمد بن القاسم واختاره ، وهو قول الخرقي إسحاق . وسواء أنفق مع تعذر النفقة من الراهن ، لغيبته ، أو امتناعه من الإنفاق ، أو مع القدرة على أخذ النفقة من الراهن ، واستئذانه . وعن رواية أخرى ، لا يحتسب له بما أنفق ، وهو متطوع بها ، ولا ينتفع من الرهن بشيء . وهذا قول أحمد أبي حنيفة ومالك ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { والشافعي } . : الرهن من راهنه ، له غنمه ، وعليه غرمه
ولأنه ملك غيره لم يأذن له في الانتفاع به ، ولا الإنفاق عليه . فلم يكن له ذلك ، كغير الرهن . ولنا ، ما روى ، البخاري وأبو داود ، والترمذي ، عن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة } ، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة . فجعل منفعته بنفقته ، وهذا محل النزاع ، فإن قيل : المراد به أن الراهن ينفق وينتفع . قلنا : لا يصح لوجهين ; أحدهما ، أنه قد روي في بعض الألفاظ : " إذا كانت الدابة مرهونة ، فعلى المرتهن علفها ، ولبن الدر يشرب ، وعلى الذي يشرب ويركب نفقته " . فجعل المنفق المرتهن ، فيكون هو المنتفع . والثاني ، أن قوله : الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا ، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا
( بنفقته ) يشير [ ص: 252 ] إلى أن الانتفاع عوض النفقة ، وإنما ذلك حق المرتهن ، أما الراهن فإنفاقه وانتفاعه لا بطريق المعاوضة لأحدهما بالآخر ، ولأن نفقة الحيوان واجبة ، وللمرتهن حق قد أمكنه استيفاء حقه من نماء الرهن ، والنيابة عن المالك فيما وجب عليه واستيفاء ذلك من منافعه ، فجاز ذلك كما ، يجوز للمرأة أخذ مؤنتها من مال زوجها عند امتناعه بغير إذنه ، والنيابة عنه في الإنفاق عليها ، والحديث نقول به : والنماء للراهن ، ولكن للمرتهن ولاية صرفها إلى نفقته ، لثبوت يده عليه وولايته ، وهذا فيمن أنفق محتسبا بالرجوع ، فأما إن أنفق متبرعا بغير نية الرجوع ، لم ينتفع به ، رواية واحدة .