الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وأما nindex.php?page=treesubj&link=25294مني الآدمي فطاهر ; لما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها : { nindex.php?page=hadith&LINKID=8534أنها كانت تحت المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي } ولو كان نجسا لما انعقدت معه الصلاة ولأنه مبتدأ خلق بشر فكان طاهرا كالطين ) .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة صحيح رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم لكن لفظه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1322لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركا فيصلي فيه } هذا لفظه في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وسنن أبي داود وغيره من كتب السنن ، وأما اللفظ الذي ذكره المصنف فغريب . وقوله تحت المني أي تفركه وتحته وقوله : لأنه مبتدأ خلق بشر احتراز من مني الكلب .
( وأما حكم المسألة ) فمني الآدمي طاهر عندنا ، هذا هو الصواب المنصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي رحمه الله في كتبه وبه قطع جماهير الأصحاب وحكى صاحب البيان وبعض الخراسانيين في نجاسته قولين ، ومنهم من قال : القولان في مني المرأة فقط ، والصواب الجزم بطهارة منيه ومنيها وسواء المسلم والكافر ، لكن إن قلنا : رطوبة فرج المرأة نجسة تنجس منيها بملاقاتها كما لو nindex.php?page=treesubj&link=25294_557بال الرجل ولم يغسل ذكره بالماء ثم أمنى فإن منيه ينجس بملاقاة المحل النجس وإذا حكمنا بطهارة المني استحب غسله من البدن والثوب للأحاديث الصحيحة في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها : { nindex.php?page=hadith&LINKID=8542أنها كانت تغسل [ ص: 573 ] المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم } ولأن فيه خروجا من خلاف العلماء في نجاسته .
( فرع ) قد ذكرنا أن المني طاهر عندنا ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر ، وهو أصح الروايتين عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . وحكاه العبدري وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة رضي الله عنهم وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابه : نجس ، لكن عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يجزي فركه يابسا ، وأوجب الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك غسله يابسا ورطبا ، واحتج لمن قال بنجاسته بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=28344كان يغسل المني } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
وفي رواية : { nindex.php?page=hadith&LINKID=29191كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم أنها قالت لرجل أصاب ثوبه مني فغسله كله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12514إنما كان يجزيك إن رأيته أن تغسل مكانه ، فإن لم تره نضحت حوله ، لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركا فيصلي فيه } وذكروا أحاديث كثيرة ضعيفة ، منها حديث عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يأمر بحت المني }
قالوا : وقياسا على البول والحيض ; لأنه يخرج من مخرج البول ، ولأن المذي جزء من المني ; لأن الشهوة تحلل كل واحد منهما فاشتركا في النجاسة .
واحتج أصحابنا بحديث فركه ، ولو كان نجسا لم يكف فركه كالدم والمذي وغيرهما ، وهذا القدر كاف ، وهو الذي اعتمدته أنا في طهارته ، وقد أكثر أصحابنا من الاستدلال بأحاديث ضعيفة ولا حاجة إليها .
وعلى هذا إنما فركه تنزها واستحبابا وكذا غسله كان للتنزه والاستحباب وهذا الذي ذكرناه متعين أو كالمتعين للجمع بين الأحاديث .
وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : " إنما كان يجزيك " فهو وإن كان ظاهره الوجوب فجوابه من وجهين : ( أحدهما ) : حمله على الاستحباب ; لأنها احتجت بالفرك ، فلو وجب الغسل لكان كلامها حجة عليها لا لها ، وإنما أرادت الإنكار عليه في غسل كل الثوب ، فقالت : ( غسل كل الثوب بدعة منكرة ، وإنما يجزيك في تحصيل الأفضل والأكمل كذا وكذا ) وذكر أصحابنا أقيسة ومناسبات كثيرة غير طائلة ولا نرتضيها ولا نستحل الاستدلال بها ولا نسمح بتضييع [ ص: 574 ] الوقت في كتابتها ، وفيما ذكرناه كفاية ، وأجاب أصحابنا عن القياس على البول والدم بأن المني أصل الآدمي المكرم ، فهو بالطين أشبه بخلافهما ، وعن قولهم : يخرج من مخرج البول بالمنع . قالوا : بل ممرهما مختلف . قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب : وقد شق ذكر الرجل بالروم فوجد كذلك فلا ننجسه بالشك .
قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : ولو ثبت أنه يخرج من مخرج البول لم يلزم منه النجاسة ; لأن ملاقاة النجاسة في الباطن لا تؤثر ، وإنما تؤثر ملاقاتها في الظاهر ، وعن قولهم المذي جزء من المني بالمنع أيضا . قالوا : بل هو مخالف له في الاسم والخلقة وكيفية الخروج ; لأن النفس والذكر يفتران بخروج المني ، وأما المذي فعكسه ، ولهذا من به سلس المذي لا يخرج معه شيء من المني ، والله أعلم .