النوع الثاني : قوله : ( ياأبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا ) ومعناه ظاهر ، وطمع في التمسك به أهل التعليم وأهل التقليد أما أهل التعليم فقالوا : إنه أمره بالاتباع في الدين وما أمره بالتمسك بدليل لا يستفاد إلا من الاتباع ، وأما أهل التقليد فقد تمسكوا به أيضا من هذا الوجه ، ومن الناس من طعن أنه أمره بالاتباع لتحصل الهداية ، فإذن لا تحصل الهداية إلا باتباعه ، ولا تبعية إلا إذا اهتدى لقولنا إنه لا بد من اتباعه فيقع الدور وإنه باطل .
" والجواب " عن الأول : أن المراد بالهداية بيان الدليل وشرحه وإيضاحه .
فعند هذا عاد السائل فقال : أنا لا أنكر أنه لا بد من الدلالة ، ولكني أقول الوقوف على تلك الدلالة لا يستفاد إلا ممن له نفس كاملة بعيدة عن النقص والخطأ ، وهي نفس النبي المعصوم أو الإمام المعصوم ، فإذا سلمت أنه لا بد من النبي في هذا المقصود ؛ فقد سلمت حصول الغرض ، أجاب المجيب وقال : أنا ما سلمت أنه لا بد في الوقوف على الدلائل من هداية النبي ، ولكني أقول : هذا الطريق أسهل وإن إبراهيم عليه السلام [ ص: 193 ] دعاه إلى الأسهل الأسهل والجواب عن سؤال الدور أن قوله : ( فاتبعني ) ليس أمر إيجاب بل أمر إرشاد .