والتاسع : قوله :
[ ص: 106 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=16944السبع : اسم يقع على ما له ناب ويعدو على الإنسان والدواب ويفترسها ، مثل الأسد وما دونه ، ويجوز التخفيف في سبع فيقال : سبع وسبعة ، وفي رواية عن
أبي عمرو : السبع بسكون الباء ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وأكيل السبع .
المسألة الثانية : قال
قتادة :
nindex.php?page=treesubj&link=16944كان أهل الجاهلية إذا جرح السبع شيئا فقتله وأكل بعضه أكلوا ما بقي ، فحرمه الله تعالى . وفي الآية محذوف تقديره : وما أكل منه السبع لأن ما أكله السبع فقد نفد ولا حكم له ، وإنما الحكم للباقي .
المسألة الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=16914أصل الذكاء في اللغة إتمام الشيء ، ومنه الذكاء في الفهم وهو تمامه ، ومنه الذكاء في السن ، وقيل : جري المذكيات غلاب ، أي : جري المسنات التي قد أسنت ، وتأويل تمام السن النهاية في الشباب ، فإذا نقص عن ذلك أو زاد فلا يقال له الذكاء في السن ، ويقال ذكيت النار أي : أتممت إشعالها .
إذا عرفت هذا الأصل فنقول : الاستثناء المذكور في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3إلا ما ذكيتم ) فيه أقوال :
الأول : أنه استثناء من جميع ما تقدم من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3والمنخنقة ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وما أكل السبع ) وهو قول
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والحسن وقتادة ، فعلى هذا إنك إن أدركت ذكاته بأن وجدت له عينا تطرف أو ذنبا يتحرك أو رجلا تركض فاذبح فإنه حلال ، فإنه لولا بقاء الحياة فيه لما حصلت هذه الأحوال ، فلما وجدتها مع هذه الأحوال دل على أن الحياة بتمامها حاصلة فيه .
والقول الثاني : أن هذا الاستثناء مختص بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وما أكل السبع ) .
والقول الثالث : أنه استثناء منقطع كأنه قيل : لكن ما ذكيتم من غير هذا فهو حلال .
والقول الرابع : أنه استثناء من التحريم لا من المحرمات ، يعني حرم عليكم ما مضى إلا ما ذكيتم فإنه لكم حلال . وعلى هذا التقدير يكون الاستثناء منقطعا أيضا .
وَالتَّاسِعُ : قَوْلُهُ :
[ ص: 106 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=16944السَّبُعُ : اسْمٌ يَقَعُ عَلَى مَا لَهُ نَابٌ وَيَعْدُو عَلَى الْإِنْسَانِ وَالدَّوَابِّ وَيَفْتَرِسُهَا ، مِثْلَ الْأَسَدِ وَمَا دُونَهُ ، وَيَجُوزُ التَّخْفِيفُ فِي سَبُعٍ فَيُقَالُ : سَبْعٌ وَسَبْعَةٌ ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو : السَّبْعُ بِسُكُونِ الْبَاءِ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : وَأَكِيلُ السَّبُعِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ
قَتَادَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=16944كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا جَرَحَ السَّبُعُ شَيْئًا فَقَتَلَهُ وَأَكَلَ بَعْضَهُ أَكَلُوا مَا بَقِيَ ، فَحَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى . وَفِي الْآيَةِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : وَمَا أَكَلَ مِنْهُ السَّبُعُ لِأَنَّ مَا أَكَلَهُ السَّبُعُ فَقَدْ نَفِدَ وَلَا حُكْمَ لَهُ ، وَإِنَّمَا الْحُكْمُ لِلْبَاقِي .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=16914أَصْلُ الذَّكَاءِ فِي اللُّغَةِ إِتْمَامُ الشَّيْءِ ، وَمِنْهُ الذَّكَاءُ فِي الْفَهْمِ وَهُوَ تَمَامُهُ ، وَمِنْهُ الذَّكَاءُ فِي السِّنِّ ، وَقِيلَ : جَرْيُ الْمُذَكِّيَاتِ غِلَابٌ ، أَيْ : جَرْيُ الْمُسِنَّاتِ الَّتِي قَدْ أَسَنَّتْ ، وَتَأْوِيلُ تَمَامِ السِّنِّ النِّهَايَةُ فِي الشَّبَابِ ، فَإِذَا نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ أَوْ زَادَ فَلَا يُقَالُ لَهُ الذَّكَاءُ فِي السِّنِّ ، وَيُقَالُ ذَكَّيْتُ النَّارَ أَيْ : أَتْمَمْتُ إِشْعَالَهَا .
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا الْأَصْلَ فَنَقُولُ : الِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ) فِيهِ أَقْوَالٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَالْمُنْخَنِقَةُ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ ) وَهُوَ قَوْلُ
عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ ، فَعَلَى هَذَا إِنَّكَ إِنْ أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ بِأَنْ وَجَدْتَ لَهُ عَيْنًا تَطْرِفُ أَوْ ذَنَبًا يَتَحَرَّكُ أَوْ رِجْلًا تَرْكُضُ فَاذْبَحْ فَإِنَّهُ حَلَالٌ ، فَإِنَّهُ لَوْلَا بَقَاءُ الْحَيَاةِ فِيهِ لَمَا حَصَلَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ ، فَلَمَّا وَجَدْتَهَا مَعَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَيَاةَ بِتَمَامِهَا حَاصِلَةٌ فِيهِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ مُخْتَصٌّ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ ) .
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ كَأَنَّهُ قِيلَ : لَكِنْ مَا ذَكَّيْتُمْ مِنْ غَيْرِ هَذَا فَهُوَ حَلَالٌ .
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ : أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ التَّحْرِيمِ لَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ ، يَعْنِي حَرَّمَ عَلَيْكُمْ مَا مَضَى إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ فَإِنَّهُ لَكُمْ حَلَالٌ . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا أَيْضًا .