[ ص: 97 ] ( سورة المائدة )
مدنية إلا آية 3 فنزلت بعرفات في حجة الوداع وآياتها 120 نزلت بعد الفتح
بسم الله الرحمن الرحيم
( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود )
بسم الله الرحمن الرحيم
( ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) في الآية مسائل :
المسألة الأولى : يقال : وفى بالعهد وأوفى به ، ومنه ( والموفون بعهدهم ) [البقرة : 177] هو وصل الشيء بالشيء على سبيل الاستيثاق والإحكام ، والعهد إلزام ، والعقد التزام على سبيل الإحكام ، ولما كان والعقد وكان من جملة أحكامه أنه يجب على جميع الخلق إظهار الانقياد لله تعالى في جميع تكاليفه وأوامره ونواهيه فكان هذا العقد أحد الأمور المعتبرة في تحقق ماهية الإيمان ، فلهذا قال : الإيمان عبارة عن معرفة الله تعالى بذاته وصفاته وأحكامه وأفعاله ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) يعني يا أيها الذين التزمتم بإيمانكم أنواع العقود والعهود في إظهار طاعة الله أوفوا بتلك العقود ، وإنما سمى الله تعالى هذه التكاليف عقودا كما في هذه الآية لأنه تعالى ربطها بعباده كما يربط الشيء بالشيء بالحبل الموثق . (
واعلم أنه تعالى تارة يسمي هذه التكاليف عقودا كما في هذه الآية ، وكما في قوله : ( ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ) [المائدة : 89] وتارة عهودا ، قال تعالى : ( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم ) [البقرة : 40] وقال : ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان ) [النحل : 91] وحاصل الكلام في هذه الآية أنه أمر بأداء التكاليف فعلا وتركا .
[ ص: 98 ] المسألة الثانية : قال - رحمه الله - : إذا الشافعي أو نذر صوم يوم العيد لغا ، وقال أبو حنيفة - رحمه الله - : بل يصح . نذر ذبح الولد
حجة أنه نذر الصوم والذبح فيلزمه الصوم والذبح ، بيان الأول أنه نذر صوم يوم العيد ، ونذر ذبح الولد ، وصوم العيد ماهية مركبة من الصوم ومن وقوعه في يوم العيد ، وكذلك ذبح الولد ماهية مركبة من الذبح ومن وقوعه في الولد ، والآتي بالمركب يكون آتيا بكل واحد من مفرديه ، فملتزم صوم يوم العيد وذبح الولد يكون لا محالة ملتزما للصوم والذبح . أبي حنيفة
إذا ثبت هذا فنقول : وجب أن يجب عليه الصوم والذبح لقوله تعالى : ( أوفوا بالعقود ) ولقوله تعالى : ( لم تقولون ما لا تفعلون ) [الصف : 2] ولقوله : ( يوفون بالنذر ) [الإنسان : 7] ولقوله - عليه الصلاة والسلام - : " " أقصى ما في الباب أنه لغا هذا النذر في خصوص كون الصوم واقعا في يوم العيد ، وفي خصوص كون الذبح واقعا في الولد ، إلا أن العام بعد التخصيص حجة . ف بنذرك
وحجة - رحمه الله - : أن هذا نذر في المعصية فيكون لغوا لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " الشافعي لا نذر في معصية الله " .
المسألة الثالثة : قال - رحمه الله - : أبو حنيفة غير ثابت ، وقال خيار المجلس - رحمه الله - : ثابت . الشافعي
حجة أنه لما انعقد البيع والشراء وجب أن يحرم الفسخ ، لقوله تعالى : ( أبي حنيفة أوفوا بالعقود ) .
وحجة تخصيص هذا العموم بالخبر ، وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : " الشافعي " . المتبايعان بالخيار كل واحد منهما ما لم يتفرقا
المسألة الرابعة : قال - رحمه الله - : أبو حنيفة حرام ، وقال الجمع بين الطلقات - رحمه الله - : ليس بحرام . الشافعي
حجة أن النكاح عقد من العقود لقوله تعالى : ( أبي حنيفة ولا تعزموا عقدة النكاح ) [البقرة : 235] فوجب أن يحرم رفعه لقوله تعالى : ( أوفوا بالعقود ) ترك العمل به في الطلقة الواحدة بالإجماع فيبقى فيما عداها على الأصل ، - رحمه الله - خصص هذا العموم بالقياس ، وهو أنه لو حرم الجمع لما نفذ وقد نفذ فلا يحرم . والشافعي