[ ص: 402 ] الفتاوى الحديثية
كتاب الطهارة
مسألة : ما قولكم في " أخرجه من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات أبو داود ، هل هو صحيح أو ضعيف والترمذي ؟ وما وجه ضعفه من جهة الرواية أو المعنى؟ وكذا حديث : " حديث : " الوضوء على الوضوء نور على نور " هل خرجه أحد ؟ فإن المنذري في الترغيب والترهيب قال : لم أقف على من خرجه ، ولعله من كلام السلف ، والمسئول : الكلام على هذين الحديثين وتبيين صحتهما ومعانيهما .
الجواب : الحديث الأول ضعيف ، صرح بضعفه جماعة ، وسببه أن في إسناده ، ضعفه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي يحيى بن معين ، وقال الإمام والنسائي أحمد : نحن لا نروي عنه شيئا ، لكن أبو داود إذ رواه سكت عليه فلم يضعفه ، وقد قال : إن ما رويته في هذا الكتاب ولم أضعفه فهو صالح - يعني للاحتجاج - والصالح له إما صحيح أو حسن ، فيحتمل أن يكون الحديث عنده حسنا ; لأن لم يتفق على ضعفه ، فقد قال بعضهم : كان عبد الرحمن بن زياد بن أنعم يعظمه ويعرف حقه ، لكن المشهور تضعيف الحديث ، وأما معناه فظاهر ؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها ، والوضوء حسنة ، فمن عملها كتبت له عشرا ، ثم إن لفظ الحديث " كتب له " بالبناء للمجهول ، من غير ذكر الله . وأما الحديث الثاني فلم نر أحدا أخرجه كما قال الإمام الثوري المنذري ، وكذا قال الحافظ زين الدين العراقي في تخريج أحاديث الإحياء ، لكن قال الحافظ ابن حجر : إن رزينا أورده في كتابه ، ومعناه أيضا ظاهر ؛ لأن الوضوء يكسب أعضاءه نورا ، ولهذا قيل : إنه مشتق من الوضاءة ، ودليله قضية الغرة والتحجيل ، فكان الوضوء على الوضوء يقوي ذلك النور ويزيده ; إذ لم يعرض له من الحدث ما يقتضي ستره ، وقد كان شيخنا شيخ الإسلام شرف الدين المناوي يذكر لنا أن الصالحين يشاهدون الحدث على الأعضاء ويرتبون عليه مقتضاه ، وفيه إشارة إلى ذلك .