ولهذا قال أكثر الفقهاء ، كالشافعي وأحمد : إن بعرفة ومزدلفة ومنى وأيام التشريق : لا يجوز إلا للمسافر الذي يباح له القصر عندهم ، طردا للقياس ، واعتقادا أن القصر لم يكن إلا للسفر ، بخلاف الجمع حتى أمر قصر الصلاة أحمد وغيره : أن الموسم لا يقيمه أمير مكة لأجل قصر الصلاة .
وذهب طوائف من أهل المدينة وغيرهم - منهم مالك ، وطائفة من أصحاب الشافعي وأحمد ، كأبي الخطاب في عباداته الخمس - إلى أنه يقصر المكيون وغيرهم ، وأن القصر هناك لأجل النسك .
والحجة مع هؤلاء : أنه لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من صلى خلفه بعرفة ومزدلفة ومنى من المكيين أن يتموا الصلاة ، كما أمرهم [ ص: 149 ] أن يتموا لما كان يصلي بهم بمكة أيام فتح مكة حين قال لهم : " " . أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر
فإنه لو كان المكيون قد قاموا لما صلوا خلفه الظهر فأتموها أربعا ، ثم لما صلوا العصر قاموا فأتموها أربعا ، ثم لما صلوا خلفه عشاء الآخرة قاموا فأتموها أربعا ، ثم كانوا مدة مقامه بمنى يتمون خلفه - لما أهمل الصحابة نقل مثل هذا .