وأيضا فالناس في بعد اتفاقهم على أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الفجر ، منهم من قال : هو منسوخ ؛ فإنه قنت ثم ترك ، كما جاءت به الأحاديث الصحيحة ، ومن قال : المتروك هو الدعاء على أولئك الكفار ، فلم يبلغه ألفاظ الحديث أو بلغته فلم يتأملها ؛ فإن في الصحيحين عن شرعه في الفجر على ثلاثة أقوال قال : عاصم الأحول رضي الله عنه عن القنوت هل كان قبل الركوع أو بعد الركوع ، فقال : قبل الركوع ، قال : فإن فلانا أخبرني أنك قلت : بعد الركوع ، قال : كذب ، إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ قبل ] الركوع ، أراه كان بعث قوما يقال لهم القراء ، زهاء سبعين رجلا إلى قوم مشركين دون أولئك ، وكان بينهم وبين رسول الله عهد ، فقنت صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو عليهم أنس بن مالك ، وكذلك الحديث الذي رواه سألت أحمد والحاكم [ ص: 125 ] عن ، عن الربيع بن أنس رضي الله عنه أنه قال : " أنس بن مالك " . ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت حتى فارق الدنيا " جاء لفظه مفسرا : " أنه ما زال يقنت قبل الركوع
والمراد هنا بالقنوت : طول القيام ، لا الدعاء ، كذلك جاء مفسرا .
ويبينه ما جاء في الصحيحين عن قال : قلت محمد بن سيرين رضي الله عنه : " لأنس بن مالك " ، فأخبر أن قنوته كان سرا وكان بعد الركوع ، فلما كان لفظ القنوت هو إدامة الطاعة ، سمي كل تطويل في قيام أو ركوع أو سجود ، قنوتا ، كما قال تعالى ( قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح ؟ قال : نعم ، بعد الركوع يسيرا أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما ) ولهذا لما سئل رضي الله عنه عن القنوت الراتب قال : " ما سمعنا ولا رأينا " وهذا قول . ابن عمر
ومنهم من قال : بل ، حيث قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت ، وروي عنه القنوت سنة راتبة ، وهذا قول أنه ما زال يقنت حتى فارق الدنيا . الشافعي
ثم من هؤلاء من استحبه في جميع الصلوات لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت فيهن ، وجاء ذلك من غير وجه في المغرب والعشاء [ ص: 126 ] الآخرة والظهر ، لكن لم يرو أحد أنه قنت قنوتا راتبا بدعاء معروف ، فاستحبوا أن يدعو فيه بقنوت الوتر الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو : " اللهم اهدني فيمن هديت - إلى آخره ". للحسن بن علي