ذكر بغداد غرق
في هذه السنة ، ثامن ربيع الآخر ، كثرت الزيادة في دجلة ، وخرق القورج فوق [ ص: 264 ] بغداد ، وأقبل المد إلى البلد ، فامتلأت الصحاري وخندق البلد ، وأفسد الماء السور ، ففتح فيه فتحة يوم السبت تاسع عشر الشهر ، فوقع بعض السور عليها ، فسدها ، ثم فتح الماء فتحة أخرى ، وأهملوها ظنا أنها تنفس عن السور لئلا يقع ، فغلب الماء ، وتعذر سده ، فغرق قراح ظفر ، والأجمة ، والمختارة ، والمقتدية ، ودرب القبار ، وخرابة ابن جردة ، والريان ، وقراح القاضي ، وبعض القطيعة ، وبعض باب الأزج ، وبعض المأمونية ، وقراح أبي الشحم ، وبعض قراح ابن رزين ، وبعض الظفرية .
ودب الماء تحت الأرض إلى أماكن ، فوقعت ، وأخذ الناس يعبرون إلى الجانب الغربي ، فبلغت المعبرة عدة دنانير ، ولم يكن يقدر عليها ، ثم نقص الماء وتهدم السور ، وبقي الماء الذي داخل السور يدب في المحال التي لم يركبها الماء ، فكثر الخراب ، وبقيت المحال لا تعرف إنما هي تلول ، فأخذ الناس حدود دورهم بالتخمين .
وأما الجانب الغربي فغرقت فيه مقبرة وغيرها من المقابر ، وانخسفت القبور ، وخرج الموتى على رأس الماء ، وكذلك المشهد والحربية ، وكان أمرا عظيما . أحمد بن حنبل