وأما أن الماشي إلى المبتدع والموقر له معين على هدم الإسلام :
فقد تقدم نقله .
وروي أيضا مرفوعا : من أتى صاحب بدعة ليوقره ، فقد أعان على هدم الإسلام .
وعن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هشام بن عروة من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام .
ويجامعها في المعنى ما صح من قوله عليه الصلاة والسلام : الحديث . من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
فإن الإيواء يجامع التوقير ، ووجه ذلك ظاهر لأن المشي إليه والتوقير له تعظيم له لأجل بدعته ، وقد علمنا أن الشرع يأمر بزجره وإهانته وإذلاله بما هو أشد من هذا ، كالضرب والقتل ، فصار توقيره صدودا عن العمل بشرع الإسلام ، وإقبالا على ما يضاده وينافيه ، والإسلام لا ينهدم إلا بترك العمل به ، والعمل بما ينافيه .
وأيضا فإن توقير صاحب البدعة مظنة لمفسدتين تعودان على [ ص: 152 ] الإسلام بالهدم :
إحداهما : التفات الجهال والعامة إلى ذلك التوقير ، فيعتقدون في المبتدع أنه أفضل الناس ، وأن ما هو عليه خير مما عليه غيره ، فيؤدي ذلك إلى اتباعه على بدعته; دون اتباع أهل السنة على سنتهم .
والثانية : أنه إذا وقر من أجل بدعته; صار ذلك كالحادي المحرض له على إنشاء الابتداع في كل شيء .
وعلى كل حال ، فتحيا البدع ، وتموت السنن ، وهو هدم الإسلام بعينه .
وعلى ذلك دل حديث معاذ : " " . فيوشك قائل أن يقول : ما لهم لا يتبعوني وقد قرأت القرآن ؟ ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره ، وإياكم وما ابتدع ، فإن ما ابتدع ضلالة
فهو يقتضي أن ، وإذا ماتت [ السنن ] ; انهدم الإسلام . السنن تموت إذا أحييت البدع
وعلى ذلك دل النقل عن السلف; زيادة إلى صحة الاعتبار ، لأن الباطل إذا عمل به لزم ترك العمل بالحق كما في العكس ، لأن المحل الواحد لا يشتغل إلا بأحد الضدين .
وأيضا; فمن السنة الثابتة ، فمن عمل ببدعة واحدة; فقد ترك تلك السنة . ترك البدع
فمما جاء من ذلك ما تقدم ذكره عن حذيفة رضي الله عنه : " أنه أخذ [ ص: 153 ] حجرين فوضع أحدهما على الآخر ثم قال لأصحابه : هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور ؟ قالوا : يا أبا عبد الله ! ما نرى بينهما إلا قليلا ، قال : والذي نفسي بيده لتظهرن البدع حتى لا يرى من الحق إلا قدر ما بين هذين الحجرين من النور ، والله لتفشون البدع حتى إذا ترك منها شيء ، قالوا : تركت السنة " .
وله آخر قد تقدم .
وعن : أنه كان يقول : " ما أحدثت أمة في دينها بدعة; إلا رفع الله بها عنهم سنة " . أبي إدريس الخولاني
وعن قال : " ما أحدث قوم بدعة في دينهم; إلا نزع الله من سنتهم مثلها ، ثم لم يعدها إليهم إلى يوم القيامة " . حسان بن عطية;
وعن بعض السلف يرفعه : لا يحدث رجل في الإسلام بدعة; إلا ترك من السنة ما هو خير منها .
وعن رضي الله عنه; قال : " ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة ، وأماتوا فيه سنة ، حتى تحيا البدع ، وتموت السنن " . ابن عباس