وفي هذا أنها توسطت المسجد ، وهذا من الكذب الظاهر ; فإن مثل هذا من أعظم غرائب العالم ، التي لو جرت لنقلها الجم الغفير . وفيه أنها لما غابت سمع لها صرير كصرير المنشار ، وهذا أيضا من الكذب الظاهر ; فإن هذا لا موجب له أيضا ، والشمس عند غروبها لا تلاقي من الأجسام ما يوجب هذا الصوت العظيم ، الذي يصل من الفلك الرابع إلى
[ ص: 186 ] الأرض . ثم لو كان هذا حقا لكان من أعظم عجائب العالم التي تنقلها الصحابة ، الذين نقلوا ما هو دون هذا مما كان في
خيبر وغير
خيبر .
وهذا الإسناد لو روي به ما يمكن صدقه لم يثبت به شيء ، فإن
علي بن هاشم بن البريد كان غاليا في التشيع ، يروي عن كل أحد يحرضه على ما يقوي به هواه
[1] ، ويروي عن مثل
صباح هذا ،
وصباح هذا لا يعرف من هو . ولهم في هذه الطبقة
صباح بن سهل الكوفي ، يروي عن
حصين بن عبد الرحمن . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم : منكر الحديث . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : ضعيف . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : يروي المناكير عن أقوام مشاهير ، لا يجوز الاحتجاج بخبره .
ولهم آخر يقال له :
صباح بن محمد بن أبي حازم البجلي [2] ( *
الأحمسي الكوفي يروي عن
مرة الهمداني . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : يروي عن الثقات الموضوعات .
ولهم شخص يقال له
صباح * )
[3] العبدي [4] قال
الرازي : هو مجهول . وآخر يقال له :
ابن مجالد ، مجهول يروي عنه
بقية [5] . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : ليس بالمعروف ، هو من شيوخ
بقية [6] المجهولين .
[ ص: 187 ] nindex.php?page=showalam&ids=17وحسين المقتول : إن أريد به
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين بن علي ، فذلك أجل قدرا من أن يروي عن واحد عن
nindex.php?page=showalam&ids=116أسماء بنت عميس ، سواء كانت
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة أخته أو ابنته ، فإن هذه القصة لو كانت حقا لكان هو أخبر بها من هؤلاء ، وكان قد سمعها من أبيه ومن غيره ، ومن
أسماء امرأة أبيه ، وغيرها ، لم يروها عن بنته أو أخته ، عن
أسماء امرأة أبيه .
ولكن ليس هو
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين بن علي ، بل هو غيره ، أو هو
عبد الله بن الحسن أبو جعفر ، ولهما أسوة أمثالهما .
والحديث لا يثبت إلا برواية من علم أنه عدل ضابط ثقة يعرفه أهل الحديث بذلك . ومجرد العلم بنسبته لا يفيد ذلك ، ولو كان من كان . وفي أبناء الصحابة والتابعين من لا يحتج بحديثه ، وإن كان أبوه من خيار المسلمين .
هذا إن كان
علي بن هاشم رواه ، وإلا فالراوي عنه
عباد بن يعقوب الرواجني . قال
[7] nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : كان رافضيا ( * داعية يروي المناكير عن المشاهير ; فاستحق الترك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : روى أحاديث أنكرت عليه في فضائل * )
[8] أهل البيت ومثالب غيرهم .
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري وغيره روى عنه من الأحاديث ما يعرف صحته ، وإلا فحكاية
قاسم المطرز عنه أنه قال :
nindex.php?page=treesubj&link=31309إن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا حفر البحر ، وإن nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن أجرى فيه الماء ، مما يقدح فيه قدحا بينا
[9] .
[ ص: 188 ] قال المصنف : قد رواه عن
أسماء سوى هؤلاء ، وروى
[10] من طريق
أبي العباس بن عقدة ، وكان مع حفظه جماعا لأكاذيب
[11] الشيعة . قال
أبو أحمد بن عدي : رأيت مشايخ
بغداد يسيئون
[12] الثناء عليه ، يقولون : لا يتدين بالحديث ، ويحمل شيوخا
بالكوفة على الكذب ، ويسوي
[13] لهم نسخا ، ويأمرهم بروايتها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : كان
ابن عقدة رجل سوء
[14] . قال
ابن عقدة : حدثنا
يحيى بن زكريا ، أخبرنا
يعقوب بن معبد ، حدثنا
عمرو بن ثابت ، قال : سألت
عبد الله بن حسن بن حسن بن علي عن حديث رد الشمس على
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : هل ثبت عندكم ؟ فقال لي : ما أنزل الله في
nindex.php?page=showalam&ids=8علي في كتابه أعظم من رد الشمس . قلت : صدقت جعلني الله فداك ، ولكني أحب أن أسمعه منك . قال : [ حدثني
عبد الله ] ، حدثني
أبي الحسن [15] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=116أسماء بنت عميس أنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941848أقبل nindex.php?page=showalam&ids=8علي ذات يوم وهو يريد أن يصلي العصر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوافق [ ص: 189 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد انصرف ونزل [16] عليه الوحي ، فأسنده إلى صدره ، فلم يزل مسنده إلى صدره حتى أفاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أصليت العصر يا nindex.php?page=showalam&ids=8علي ؟ قال : جئت والوحي ينزل عليك ، فلم أزل مسندك إلى صدري حتى الساعة . فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة وقد غربت الشمس ، فقال : اللهم إن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا كان في طاعتك فارددها عليه . قالت أسماء : فأقبلت الشمس ولها صرير كصرير الرحى حتى ركدت في موضعها وقت العصر ، فقام nindex.php?page=showalam&ids=8علي متمكنا [17] فصلى العصر ، فلما فرغ رجعت الشمس ولها صرير كصرير الرحى ، فلما غابت الشمس اختلط الظلام ، وبدت النجوم .
قلت : بهذا اللفظ الخامس يناقض تلك الألفاظ المتناقضة ، ويزيد الناظر بيانا في أنها مكذوبة مختلقة ; فإنه ذكر فيها أنها ردت إلى موضعها وقت العصر ، وفي الذي قبله : إلى نصف النهار ، وفي الآخر : حتى ظهرت على رءوس الجبال . وفي هذا أنه كان مسنده إلى صدره ، وفي ذاك أنه كان رأسه في حجره .
وعبد الله بن الحسن لم يحدث بهذا قط ، وهو كان أجل قدرا من أن يروي مثل هذا الكذب ، ولا أبوه
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن روى هذا عن
أسماء . وفيه : ما أنزل
[18] الله في علي في كتابه أعظم من رد الشمس
[19] شيئا . ومعلوم أن الله لم ينزل في
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ولا غيره في كتابه في رد الشمس شيئا
[20] .
[ ص: 190 ] وهذا الحديث ، إن كان ثابتا عن
عمرو بن ثابت ، الذي رواه عن
عبد الله [21] ، فهو الذي اختلقه ; فإنه كان معروفا بالكذب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13053أبو حاتم بن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : ليس بشيء . وقال مرة : ليس بثقة ولا مأمون . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : متروك الحديث
[22] .
قال المصنف : وأما رواية
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فأنبأنا
[23] عقيل بن الحسن العسكري ، حدثنا
أبو محمد صالح بن أبي الفتح الشناسي [24] ، حدثنا
أحمد بن عمرو بن حوصاء ، حدثنا
إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا
يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي [25] ، عن أبيه ، قال : حدثنا
داود بن فراهيج ، عن
عمارة بن فرو [26] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - وذكره . . قال المصنف : اختصرته من حديث طويل .
قلت : هذا إسناد مظلم لا يثبت به شيء عند أهل العلم ، بل يعرف
[ ص: 191 ] كذبه من وجوه ; فإنه وإن كان
داود بن فراهيج مضعفا ، كان
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة يضعفه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : ضعيف الحديث لا يثبت الإسناد إليه ، فإن فيه
يزيد بن عبد الملك النوفلي ، وهو الذي رواه عنه وعن
عمارة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : أحاديثه شبه لا شيء ، وضعفه جدا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : متروك [ ضعيف ]
[27] الحديث . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : منكر الحديث جدا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : عنده مناكير . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : ضعيف .
وإن
[28] كان حدث به
إبراهيم بن سعيد الجوهري ، فالآفة من هذا . وإن كان يقال : إنه لم يثبته لا إلى
إبراهيم بن سعيد الجوهري ولا إلى
ابن حوصاء [29] ، فإن هذين معروفان ، وأحاديثهما معروفة قد رواها عنهما الناس
[30] ; ولهذا لما روى
ابن حوصاء الطريق الأول كان الإسناد إليه معروفا عنه ، رواه بالأسانيد المعروفة ، لكن الآفة فيه ممن بعده . وأما هذا فمن قبل
ابن حوصاء لا يعرفون
[31] . وإن قدر أنه ثابت عنه ، فالآفة بعده .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=11890أبو الفرج بن الجوزي أن
ابن مردويه رواه من طريق
داود بن فراهيج ، وذكر ضعف
ابن فراهيج ، ومع هذا فالإسناد إليه فيه الكلام أيضا .
قال المصنف : وأما رواية
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، فأخبرنا
محمد بن [ ص: 192 ] إسماعيل الجرجاني كتابة ، أن
أبا طاهر محمد بن علي الواعظ أخبرهم ، أنبأنا
محمد بن أحمد بن منعم ، أنبأنا
القاسم بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر ، حدثني أبي ، عن أبيه
محمد ، عن أبيه
عبد الله ، عن أبيه
محمد [32] ، عن أبيه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين بن علي : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941848دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا رأسه في حجر nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، وقد غابت الشمس ، فانتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : nindex.php?page=treesubj&link=34078_31309يا nindex.php?page=showalam&ids=8علي صليت العصر ؟ قال : لا يا رسول الله ما صليت ; كرهت أن أضع رأسك من حجري وأنت وجع . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ادع يا nindex.php?page=showalam&ids=8علي أن ترد عليك [33] الشمس . ( * فقال nindex.php?page=showalam&ids=8علي : يا رسول الله ادع أنت أؤمن [34] . قال : يا رب إن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا في طاعتك وطاعة رسولك ; فاردد عليه الشمس * )
[35] . قال
أبو سعيد : فوالله لقد سمعت للشمس صريرا كصرير البكرة ، حتى رجعت بيضاء نقية .
قلت : هذا الإسناد لا يثبت بمثله شيء ، وكثير من رجاله لا يعرفون بعدالة ولا ضبط ، ولا حمل للعلم
[36] ، ولا لهم ذكر في كتب العلم ، وكثير من رجاله
[37] لو لم يكن فيهم إلا واحد بهذه المنزلة لم يكن ثابتا ، فكيف إذا كان كثير منهم - أو أكثرهم - كذلك ، ومن هو معروف بالكذب ، مثل
عمرو بن ثابت ؟ !
[ ص: 193 ] وفيه : أنه كان وجعا ، وأنه سمع صوتها
[38] حين طلعت كصرير
[39] البكرة ، وهذا باطل عقلا ، ولم يذكره أولئك . ولو كان مثل هذا الحديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد - مع محبته
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي وروايته لفضائله - لرواه عنه أصحابه المعروفون ، كما رووا غير ذلك من فضائل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، مثل رواية
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر
الخوارج ، قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=692330تقتلهم أولى الطائفتين بالحق "
[40] ، ومثل روايته أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=56لعمار : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=666106تقتلك الفئة الباغية "
[41] ، فمثل هذا الحديث الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد بين فيه
nindex.php?page=treesubj&link=31309أن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا وأصحابه أولى بالحق من nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية وأصحابه ، فكيف لا يروي عنه مثل هذا لو كان صحيحا ؟ !
ولم يحدث بمثل هذا
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين ولا أخوه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ولا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ولو كان مثل هذا عندهما لحدث به
[42] عنهما
[43] المعروفون
[44] بالحديث عنهما ; فإن هذا أمر عظيم .
قال المصنف : وأما رواية أمير المؤمنين ، فأخبرنا
أبو العباس الفرغاني ، أخبرنا
أبو الفضل الشيباني ، حدثنا
رجاء بن يحيى الساماني ، حدثنا
هارون بن مسلم [ بن سعيد ] [45] بسامرا [46] سنة أربعين ومائتين ،
[ ص: 194 ] حدثنا
عبد الله بن عمرو الأشعث ، عن
داود بن الكميت ، عن عمه
المستهل بن زيد ، عن
أبي زيد بن سهلب [47] ، عن
جويرية بنت مسهر [48] ، قالت
[49] : خرجت مع
nindex.php?page=showalam&ids=8علي فقال : يا
nindex.php?page=showalam&ids=149جويرية إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوحى إليه ورأسه في حجري ، وذكره . .
قلت : وهذا الإسناد أضعف مما تقدم ، وفيه من الرجال المجاهيل الذين لا يعرف أحدهم بعدالة ولا ضبط . وانفرادهم بمثل هذا الذي لو كان
nindex.php?page=showalam&ids=8علي قاله لرواه عنه المعروفون من أصحابه ، وبمثل هذا الإسناد عن هذه المرأة
[50] ، ولا يعرف حال هذه المرأة ، ولا حال هؤلاء الذين رووا عنها ، بل ولا تعرف أعيانهم ، فضلا عن صفاتهم - لا يثبت فيه
[51] شيء ، وفيه ما يناقض الرواية التي هي أرجح منه ، مع أن الجميع كذب ; فإن المسلمين رووا من فضائل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ومعجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هو دون هذا ، وهذا لم يروه [ أحد ]
[52] من أهل العلم بالحديث .
وقد
nindex.php?page=treesubj&link=31295_31293صنف جماعة من علماء الحديث في فضائل nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، كما صنف
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد فضائله ، وصنف
أبو نعيم في فضائله ، وذكر فيها أحاديث
[ ص: 195 ] كثيرة ضعيفة ، ولم يذكر هذا ; لأن الكذب ظاهر عليه ، بخلاف غيره . وكذلك لم يذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، مع أنه جمع في فضائل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي أحاديث ، كثير
[53] منها ضعيف . وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وأبو عمر بن عبد البر . وجمع
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي مصنفا في
[54] خصائص
nindex.php?page=showalam&ids=8علي .
قال المصنف : وقد حكى
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الطحاوي [55] عن
علي بن عبد الرحمن ، عن
أحمد بن صالح المصري ، أنه كان يقول
[56] : لا
[57] ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث
أسماء في رد الشمس ; لأنه من علامات النبوة
[58] .
قلت :
أحمد بن صالح رواه من الطريق الأول ، ولم يجمع طرقه وألفاظه التي تدل من وجوه كثيرة على أنه كذب . وتلك الطريق راويها مجهول عنده ، ليس معلوم الكذب عنده ، فلم يظهر له كذبه .
nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي ليست عادته نقد الحديث كنقد أهل العلم ; ولهذا روى في " شرح معاني الآثار " الأحاديث المختلفة ، وإنما يرجح ما يرجحه منها في الغالب من جهة القياس الذي رآه حجة ، ويكون أكثرها مجروحا من جهة
[59] الإسناد لا يثبت ، ولا يتعرض لذلك ; فإنه لم تكن معرفته بالإسناد
[ ص: 196 ] كمعرفة أهل العلم به ، وإن كان كثير الحديث ، فقيها عالما
[60] .
قال المصنف : وقال
أبو عبد الله البصري : عود الشمس بعد مغيبها آكد حالا فيما يقتضي نقله ; لأنه وإن كان فضيلة لأمير المؤمنين ، فإنه من أعلام النبوة ، وهو مفارق لغيره من
[61] فضائله في كثير من أعلام النبوة .
قلت : وهذا من أظهر الأدلة على أنه كذب ; فإن أهل العلم بالحديث رووا فضائل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي التي ليست من أعلام النبوة ، وذكروها في الصحاح والسنن والمساند ، رووها عن العلماء الأعلام الثقات المعروفين . فلو كان هذا مما رواه الثقات ، لكانوا أرغب في روايته ، وأحرص الناس على [ بيان ]
[62] صحته ، لكنهم لم يجدوا أحدا رواه بإسناد يعرف أهله بحمل العلم ، ولا يعرفون بالعدالة والضبط ، مع ما فيه من الأدلة الكثيرة
[63] على تكذيبه .
[ ص: 197 ] قال : وقال
أبو العباس بن عقدة ، حدثنا
جعفر بن محمد بن عمرو [64] ، أنبأنا
[65] سليمان بن عباد ، سمعت
بشار بن دراع ، قال : لقي
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة [66] محمد بن النعمان [67] فقال : عمن رويت حديث رد الشمس ؟ فقال : عن غير الذي رويت عنه يا سارية الجبل . قال المصنف : وكل هذه أمارات ثبوت الحديث .
قلت : هذا يدل على أن أئمة أهل العلم لم يكونوا يصدقون بهذا الحديث ; فإنه لم يروه إمام من أئمة المسلمين . وهذا
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، أحد الأئمة المشاهير ، وهو لا يتهم على
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، فإنه من
أهل الكوفة دار
الشيعة ، وقد لقي من
الشيعة ، وسمع من فضائل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ما شاء الله ، وهو يحبه ويتولاه ، ومع هذا أنكر هذا الحديث على
محمد بن النعمان [68] .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة أعلم وأفقه من
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وأمثاله ، ولم يجبه
ابن النعمان بجواب صحيح ، بل قال : عن غير من رويت عنه حديث : يا سارية الجبل .
فيقال له : هب أن ذلك كذب ، فأي شيء في كذبه مما يدل على
[ ص: 198 ] صدق هذا . فإن كان كذلك
[69] ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990فأبو حنيفة لا ينكر أن يكون
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي وغيرهما كرامات ، بل أنكر هذا الحديث ; للدلائل الكثيرة على كذبه ، ومخالفته للشرع والعقل ، وأنه لم يروه أحد من العلماء المعروفين بالحديث ، من التابعين وتابعيهم ، وهم الذين يروون عن الصحابة ، بل لم يروه إلا كذاب أو مجهول لا يعلم عدله وضبطه ، فكيف يقبل هذا من مثل هؤلاء ؟ !
وسائر علماء المسلمين يودون أن يكون مثل هذا صحيحا ; لما فيه من معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - وفضيلة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، على الذين يحبونه ويتولونه ، ولكنهم لا يستجيزون التصديق بالكذب ، فردوه ديانة
[70] .
وَفِي هَذَا أَنَّهَا تَوَسَّطَتِ الْمَسْجِدَ ، وَهَذَا مِنَ الْكَذِبِ الظَّاهِرِ ; فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ غَرَائِبِ الْعَالَمِ ، الَّتِي لَوْ جَرَتْ لَنَقَلَهَا الْجَمُّ الْغَفِيرُ . وَفِيهِ أَنَّهَا لَمَّا غَابَتْ سُمِعَ لَهَا صَرِيرٌ كَصَرِيرِ الْمِنْشَارِ ، وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْكَذِبِ الظَّاهِرِ ; فَإِنَّ هَذَا لَا مُوجِبَ لَهُ أَيْضًا ، وَالشَّمْسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا لَا تُلَاقِي مِنَ الْأَجْسَامِ مَا يُوجِبُ هَذَا الصَّوْتَ الْعَظِيمَ ، الَّذِي يَصِلُ مِنَ الْفَلَكِ الرَّابِعِ إِلَى
[ ص: 186 ] الْأَرْضِ . ثُمَّ لَوْ كَانَ هَذَا حَقًّا لَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ عَجَائِبِ الْعَالَمِ الَّتِي تَنْقُلُهَا الصَّحَابَةُ ، الَّذِينَ نَقَلُوا مَا هُوَ دُونَ هَذَا مِمَّا كَانَ فِي
خَيْبَرَ وَغَيْرِ
خَيْبَرَ .
وَهَذَا الْإِسْنَادُ لَوْ رُوِيَ بِهِ مَا يُمْكِنُ صِدْقُهُ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ شَيْءٌ ، فَإِنَّ
عَلِيَّ بْنَ هَاشِمِ بْنَ الْبَرِيدِ كَانَ غَالِيًا فِي التَّشَيُّعِ ، يَرْوِي عَنْ كُلِّ أَحَدٍ يُحَرِّضُهُ عَلَى مَا يُقَوِّي بِهِ هَوَاهُ
[1] ، وَيَرْوِي عَنْ مَثْلِ
صَبَاحٍ هَذَا ،
وَصَبَاحٌ هَذَا لَا يُعْرَفُ مَنْ هُوَ . وَلَهُمْ فِي هَذِهِ الطَّبَقَةِ
صَبَاحُ بْنُ سَهْلٍ الْكُوفِيُّ ، يَرْوِي عَنْ
حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ : مُنْكَرُ الْحَدِيثِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ : ضَعِيفٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ : يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ عَنْ أَقْوَامٍ مَشَاهِيرَ ، لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِخَبَرِهِ .
وَلَهُمْ آخَرُ يُقَالُ لَهُ :
صَبَاحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ الْبَجَلِيُّ [2] ( *
الْأَحْمَسِيُّ الْكُوفِيُّ يَرْوِي عَنْ
مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ : يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ .
وَلَهُمْ شَخْصٌ يُقَالُ لَهُ
صَبَاحٌ * )
[3] الْعَبْدِيُّ [4] قَالَ
الرَّازِيُّ : هُوَ مَجْهُولٌ . وَآخَرُ يُقَالُ لَهُ :
ابْنُ مُجَالِدٍ ، مَجْهُولٌ يَرْوِي عَنْهُ
بَقِيَّةُ [5] . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابْنُ عَدِيٍّ : لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ ، هُوَ مِنْ شُيُوخِ
بَقِيَّةَ [6] الْمَجْهُولِينَ .
[ ص: 187 ] nindex.php?page=showalam&ids=17وَحُسَيْنٌ الْمَقْتُولُ : إِنْ أُرِيدَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=17الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، فَذَلِكَ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ وَاحِدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=116أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ ، سَوَاءٌ كَانَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=129فَاطِمَةُ أُخْتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ ، فَإِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ لَوْ كَانَتْ حَقًّا لَكَانَ هُوَ أَخْبَرَ بِهَا مِنْ هَؤُلَاءِ ، وَكَانَ قَدْ سَمِعَهَا مِنْ أَبِيهِ وَمِنْ غَيْرِهِ ، وَمِنْ
أَسْمَاءَ امْرَأَةِ أَبِيهِ ، وَغَيْرِهَا ، لَمْ يَرْوِهَا عَنْ بِنْتِهِ أَوْ أُخْتِهِ ، عَنْ
أَسْمَاءَ امْرَأَةِ أَبِيهِ .
وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=17الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ، بَلْ هُوَ غَيْرُهُ ، أَوْ هُوَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ أَبُو جَعْفَرٍ ، وَلَهُمَا أُسْوَةٌ أَمْثَالُهُمَا .
وَالْحَدِيثُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِرِوَايَةِ مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ عَدْلٌ ضَابِطٌ ثِقَةٌ يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ بِذَلِكَ . وَمُجَرَّدُ الْعِلْمِ بِنِسْبَتِهِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ ، وَلَوْ كَانَ مَنْ كَانَ . وَفِي أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ .
هَذَا إِنْ كَانَ
عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ رَوَاهُ ، وَإِلَّا فَالرَّاوِي عَنْهُ
عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الرَّوَاجِنِيُّ . قَالَ
[7] nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ : كَانَ رَافِضِيًّا ( * دَاعِيَةً يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ عَنِ الْمَشَاهِيرِ ; فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابْنُ عَدِيٍّ : رَوَى أَحَادِيثَ أُنْكِرَتْ عَلَيْهِ فِي فَضَائِلِ * )
[8] أَهْلِ الْبَيْتِ وَمَثَالِبِ غَيْرِهِمْ .
nindex.php?page=showalam&ids=12070وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ رَوَى عَنْهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ مَا يُعْرَفُ صِحَّتُهُ ، وَإِلَّا فَحِكَايَةُ
قَاسِمٍ الْمُطَرِّزِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=31309إِنَّ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا حَفَرَ الْبَحْرَ ، وَإِنَّ nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنَ أَجْرَى فِيهِ الْمَاءَ ، مِمَّا يَقْدَحُ فِيهِ قَدْحًا بَيِّنًا
[9] .
[ ص: 188 ] قَالَ الْمُصَنِّفُ : قَدْ رَوَاهُ عَنْ
أَسْمَاءَ سِوَى هَؤُلَاءِ ، وَرَوَى
[10] مِنْ طَرِيقِ
أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ عُقْدَةَ ، وَكَانَ مَعَ حِفْظِهِ جَمَّاعًا لِأَكَاذِيبِ
[11] الشِّيعَةِ . قَالَ
أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ : رَأَيْتُ مَشَايِخَ
بَغْدَادَ يُسِيئُونَ
[12] الثَّنَاءَ عَلَيْهِ ، يَقُولُونَ : لَا يَتَدَيَّنُ بِالْحَدِيثِ ، وَيَحْمِلُ شُيُوخًا
بِالْكُوفَةِ عَلَى الْكَذِبِ ، وَيُسَوِّي
[13] لَهُمْ نُسَخًا ، وَيَأْمُرُهُمْ بِرِوَايَتِهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ : كَانَ
ابْنُ عُقْدَةَ رَجُلَ سُوءٍ
[14] . قَالَ
ابْنُ عُقْدَةَ : حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا ، أَخْبَرَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ حَدِيثِ رَدِّ الشَّمْسِ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ : هَلْ ثَبَتَ عِنْدَكُمْ ؟ فَقَالَ لِي : مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ فِي كِتَابِهِ أَعْظَمَ مِنْ رَدِّ الشَّمْسِ . قُلْتُ : صَدَقْتَ جَعَلَنِي اللَّهُ فَدَاكَ ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ . قَالَ : [ حَدَّثَنِي
عَبْدُ اللَّهِ ] ، حَدَّثَنِي
أَبِي الْحَسَنُ [15] ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=116أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّهَا قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941848أَقْبَلَ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَافَقَ [ ص: 189 ] رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِ انْصَرَفَ وَنَزَلَ [16] عَلَيْهِ الْوَحْيُ ، فَأَسْنَدَهُ إِلَى صَدْرِهِ ، فَلَمْ يَزَلْ مُسْنِدَهُ إِلَى صَدْرِهِ حَتَّى أَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : أَصَلَّيْتَ الْعَصْرَ يَا nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ ؟ قَالَ : جِئْتُ وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْكَ ، فَلَمْ أَزَلْ مُسْنِدَكَ إِلَى صَدْرِي حَتَّى السَّاعَةَ . فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقِبْلَةَ وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا كَانَ فِي طَاعَتِكَ فَارْدُدْهَا عَلَيْهِ . قَالَتْ أَسْمَاءُ : فَأَقْبَلَتِ الشَّمْسُ وَلَهَا صَرِيرٌ كَصَرِيرِ الرَّحَى حَتَّى رَكَدَتْ فِي مَوْضِعِهَا وَقْتَ الْعَصْرِ ، فَقَامَ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ مُتَمَكِّنًا [17] فَصَلَّى الْعَصْرَ ، فَلَمَّا فَرَغَ رَجَعَتِ الشَّمْسُ وَلَهَا صَرِيرٌ كَصَرِيرِ الرَّحَى ، فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ اخْتَلَطَ الظَّلَامُ ، وَبَدَتِ النُّجُومُ .
قُلْتُ : بِهَذَا اللَّفْظِ الْخَامِسِ يُنَاقِضُ تِلْكَ الْأَلْفَاظَ الْمُتَنَاقِضَةَ ، وَيَزِيدُ النَّاظِرَ بَيَانًا فِي أَنَّهَا مَكْذُوبَةٌ مُخْتَلَقَةٌ ; فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا أَنَّهَا رُدَّتْ إِلَى مَوْضِعِهَا وَقْتَ الْعَصْرِ ، وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ : إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ ، وَفِي الْآخَرِ : حَتَّى ظَهَرَتْ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ . وَفِي هَذَا أَنَّهُ كَانَ مُسْنِدَهُ إِلَى صَدْرِهِ ، وَفِي ذَاكَ أَنَّهُ كَانَ رَأْسُهُ فِي حِجْرِهِ .
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ لَمْ يُحَدِّثْ بِهَذَا قَطُّ ، وَهُوَ كَانَ أَجَلَّ قَدْرًا مِنْ أَنْ يَرْوِيَ مِثْلَ هَذَا الْكَذِبِ ، وَلَا أَبُوهُ
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنُ رَوَى هَذَا عَنْ
أَسْمَاءَ . وَفِيهِ : مَا أَنْزَلَ
[18] اللَّهُ فِي عَلِيٍّ فِي كِتَابِهِ أَعْظَمَ مِنْ رَدِّ الشَّمْسِ
[19] شَيْئًا . وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ فِي كِتَابِهِ فِي رَدِّ الشَّمْسِ شَيْئًا
[20] .
[ ص: 190 ] وَهَذَا الْحَدِيثُ ، إِنْ كَانَ ثَابِتًا عَنْ
عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ ، الَّذِي رَوَاهُ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ [21] ، فَهُوَ الَّذِي اخْتَلَقَهُ ; فَإِنَّهُ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْكَذِبِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13053أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ : يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الْأَثْبَاتِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17336يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ : لَيْسَ بِشَيْءٍ . وَقَالَ مَرَّةً : لَيْسَ بِثِقَةٍ وَلَا مَأْمُونٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ : مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ
[22] .
قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَأَمَّا رِوَايَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَنْبَأَنَا
[23] عَقِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ الشَّنَاسِيُّ [24] ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَوْصَاءَ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ النَّوْفَلِيُّ [25] ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
دَاوُدُ بْنُ فَرَاهِيجَ ، عَنْ
عِمَارَةَ بْنِ فَرْوٍ [26] ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَذَكَرَهُ . . قَالَ الْمُصَنِّفُ : اخْتَصَرْتُهُ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ .
قُلْتُ : هَذَا إِسْنَادٌ مُظْلِمٌ لَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، بَلْ يُعْرَفُ
[ ص: 191 ] كَذِبُهُ مِنْ وُجُوهٍ ; فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ
دَاوُدُ بْنُ فَرَاهِيجَ مُضَعَّفًا ، كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةُ يُضَعِّفُهُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ : ضَعِيفُ الْحَدِيثِ لَا يَثْبُتُ الْإِسْنَادُ إِلَيْهِ ، فَإِنَّ فِيهِ
يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ النَّوْفَلِيَّ ، وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ وَعَنْ
عِمَارَةَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : أَحَادِيثُهُ شِبْهُ لَا شَيْءَ ، وَضَعَّفَهُ جِدًّا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ : مَتْرُوكُ [ ضَعِيفُ ]
[27] الْحَدِيثِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ : مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ : عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ : ضَعِيفٌ .
وَإِنْ
[28] كَانَ حَدَّثَ بِهِ
إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيَّ ، فَالْآفَةُ مِنْ هَذَا . وَإِنْ كَانَ يُقَالُ : إِنَّهُ لَمْ يُثْبِتْهُ لَا إِلَى
إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيِّ وَلَا إِلَى
ابْنِ حَوْصَاءَ [29] ، فَإِنَّ هَذَيْنِ مَعْرُوفَانِ ، وَأَحَادِيثُهُمَا مَعْرُوفَةٌ قَدْ رَوَاهَا عَنْهُمَا النَّاسُ
[30] ; وَلِهَذَا لَمَّا رَوَى
ابْنُ حَوْصَاءَ الطَّرِيقَ الْأَوَّلَ كَانَ الْإِسْنَادُ إِلَيْهِ مَعْرُوفًا عَنْهُ ، رَوَاهُ بِالْأَسَانِيدِ الْمَعْرُوفَةِ ، لَكِنَّ الْآفَةَ فِيهِ مِمَّنْ بَعْدَهُ . وَأَمَّا هَذَا فَمَنْ قَبْلَ
ابْنِ حَوْصَاءَ لَا يُعْرَفُونَ
[31] . وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ ثَابِتٌ عَنْهُ ، فَالْآفَةُ بَعْدَهُ .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=11890أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ
ابْنَ مَرْدَوَيْهِ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ
دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ ، وَذَكَرَ ضَعْفَ
ابْنِ فَرَاهِيجَ ، وَمَعَ هَذَا فَالْإِسْنَادُ إِلَيْهِ فِيهِ الْكَلَامُ أَيْضًا .
قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَأَمَّا رِوَايَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، فَأَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ [ ص: 192 ] إِسْمَاعِيلَ الْجُرْجَانِيُّ كِتَابَةً ، أَنَّ
أَبَا طَاهِرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْوَاعِظَ أَخْبَرَهُمْ ، أَنْبَأَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُنْعِمٍ ، أَنْبَأَنَا
الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ
مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ
عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ
مُحَمَّدٍ [32] ، عَنْ أَبِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941848دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا رَأْسُهُ فِي حِجْرِ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، وَقَدْ غَابَتِ الشَّمْسُ ، فَانْتَبَهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ : nindex.php?page=treesubj&link=34078_31309يَا nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ صَلَّيْتَ الْعَصْرَ ؟ قَالَ : لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَلَّيْتُ ; كَرِهْتُ أَنْ أَضَعَ رَأْسَكَ مِنْ حِجْرِي وَأَنْتَ وَجِعٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ادْعُ يَا nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْكَ [33] الشَّمْسَ . ( * فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ أَنْتَ أُؤَمِّنْ [34] . قَالَ : يَا رَبِّ إِنَّ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا فِي طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ ; فَارْدُدْ عَلَيْهِ الشَّمْسَ * )
[35] . قَالَ
أَبُو سَعِيدٍ : فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ لِلشَّمْسِ صَرِيرًا كَصَرِيرِ الْبَكَرَةِ ، حَتَّى رَجَعَتْ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً .
قُلْتُ : هَذَا الْإِسْنَادُ لَا يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ شَيْءٌ ، وَكَثِيرٌ مِنْ رِجَالِهِ لَا يُعْرَفُونَ بِعَدَالَةٍ وَلَا ضَبْطٍ ، وَلَا حَمْلٍ لِلْعِلْمِ
[36] ، وَلَا لَهُمْ ذِكْرٌ فِي كُتُبِ الْعِلْمِ ، وَكَثِيرٌ مِنْ رِجَالِهِ
[37] لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ إِلَّا وَاحِدٌ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ - أَوْ أَكْثَرُهُمْ - كَذَلِكَ ، وَمَنْ هُوَ مَعْرُوفٌ بِالْكَذِبِ ، مِثْلَ
عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ ؟ !
[ ص: 193 ] وَفِيهِ : أَنَّهُ كَانَ وَجِعًا ، وَأَنَّهُ سَمِعَ صَوْتَهَا
[38] حِينَ طَلَعَتْ كَصَرِيرِ
[39] الْبَكَرَةِ ، وَهَذَا بَاطِلٌ عَقْلًا ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ أُولَئِكَ . وَلَوْ كَانَ مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ - مَعَ مَحَبَّتِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ وَرِوَايَتِهِ لِفَضَائِلِهِ - لَرَوَاهُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ الْمَعْرُوفُونَ ، كَمَا رَوَوْا غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ فَضَائِلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، مِثْلَ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا ذَكَرَ
الْخَوَارِجَ ، قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=692330تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ "
[40] ، وَمِثْلَ رِوَايَتِهِ أَنَّهُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=56لِعَمَّارٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=666106تَقْتُلُكُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ "
[41] ، فَمِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ بَيَّنَ فِيهِ
nindex.php?page=treesubj&link=31309أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابِهِ ، فَكَيْفَ لَا يَرْوِي عَنْهُ مِثْلَ هَذَا لَوْ كَانَ صَحِيحًا ؟ !
وَلَمْ يُحَدِّثْ بِمِثْلِ هَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=17الْحُسَيْنُ وَلَا أَخُوهُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ وَلَا
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ ، وَلَوْ كَانَ مِثْلُ هَذَا عِنْدَهُمَا لَحَدَّثَ بِهِ
[42] عَنْهُمَا
[43] الْمَعْرُوفُونَ
[44] بِالْحَدِيثِ عَنْهُمَا ; فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ عَظِيمٌ .
قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَأَمَّا رِوَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَخْبَرَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ الْفَرْغَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو الْفَضْلِ الشَّيْبَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
رَجَاءُ بْنُ يَحْيَى السَّامَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
هَارُونُ بْنُ مُسْلِمِ [ بْنِ سَعِيدٍ ] [45] بِسَامَرَّا [46] سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ ،
[ ص: 194 ] حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثُ ، عَنْ
دَاوُدَ بْنِ الْكُمَيْتِ ، عَنْ عَمِّهِ
الْمُسْتَهِلِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ
أَبِي زَيْدِ بْنِ سَهْلَبٍ [47] ، عَنْ
جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ مُسْهِرٍ [48] ، قَالَتْ
[49] : خَرَجْتُ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ فَقَالَ : يَا
nindex.php?page=showalam&ids=149جُوَيْرِيَةُ إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُوحَى إِلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِي ، وَذَكَرَهُ . .
قُلْتُ : وَهَذَا الْإِسْنَادُ أَضْعَفُ مِمَّا تَقَدَّمَ ، وَفِيهِ مِنَ الرِّجَالِ الْمَجَاهِيلُ الَّذِينَ لَا يُعْرَفُ أَحَدُهُمْ بِعَدَالَةٍ وَلَا ضَبْطٍ . وَانْفِرَادُهُمْ بِمِثْلِ هَذَا الَّذِي لَوْ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ قَالَهُ لَرَوَاهُ عَنْهُ الْمَعْرُوفُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَبِمِثْلِ هَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ
[50] ، وَلَا يُعْرَفُ حَالُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ ، وَلَا حَالُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْهَا ، بَلْ وَلَا تُعْرَفُ أَعْيَانُهُمْ ، فَضْلًا عَنْ صِفَاتِهِمْ - لَا يَثْبُتُ فِيهِ
[51] شَيْءٌ ، وَفِيهِ مَا يُنَاقِضُ الرِّوَايَةَ الَّتِي هِيَ أَرْجَحُ مِنْهُ ، مَعَ أَنَّ الْجَمِيعَ كَذِبٌ ; فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ رَوَوْا مِنْ فَضَائِلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَمُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا هُوَ دُونَ هَذَا ، وَهَذَا لَمْ يَرْوِهِ [ أَحَدٌ ]
[52] مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ .
وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=31295_31293صَنَّفَ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ فِي فَضَائِلِ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، كَمَا صَنَّفَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَضَائِلَهُ ، وَصَنَّفَ
أَبُو نُعَيْمٍ فِي فَضَائِلِهِ ، وَذَكَرَ فِيهَا أَحَادِيثَ
[ ص: 195 ] كَثِيرَةً ضَعِيفَةً ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا ; لِأَنَّ الْكَذِبَ ظَاهِرٌ عَلَيْهِ ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ . وَكَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ ، مَعَ أَنَّهُ جَمَعَ فِي فَضَائِلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ أَحَادِيثَ ، كَثِيرٌ
[53] مِنْهَا ضَعِيفٌ . وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ وَأَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ . وَجَمَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ مُصَنَّفًا فِي
[54] خَصَائِصِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ .
قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَقَدْ حَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=14695أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ [55] عَنْ
عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيِّ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ
[56] : لَا
[57] يَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ سَبِيلُهُ الْعِلْمَ التَّخَلُّفُ عَنْ حِفْظِ حَدِيثِ
أَسْمَاءَ فِي رَدِّ الشَّمْسِ ; لِأَنَّهُ مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ
[58] .
قُلْتُ :
أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ رَوَاهُ مِنَ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ ، وَلَمْ يَجْمَعْ طُرُقَهُ وَأَلْفَاظَهُ الَّتِي تَدُلُّ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ . وَتِلْكَ الطَّرِيقُ رَاوِيهَا مَجْهُولٌ عِنْدَهُ ، لَيْسَ مَعْلُومَ الْكَذِبِ عِنْدَهُ ، فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ كَذِبُهُ .
nindex.php?page=showalam&ids=14695وَالطَّحَاوِيُّ لَيْسَتْ عَادَتُهُ نَقْدَ الْحَدِيثِ كَنَقْدِ أَهْلِ الْعِلْمِ ; وَلِهَذَا رَوَى فِي " شَرْحِ مَعَانِي الْآثَارِ " الْأَحَادِيثَ الْمُخْتَلِفَةَ ، وَإِنَّمَا يُرَجِّحُ مَا يُرَجِّحُهُ مِنْهَا فِي الْغَالِبِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ الَّذِي رَآهُ حُجَّةً ، وَيَكُونُ أَكْثَرُهَا مَجْرُوحًا مِنْ جِهَةِ
[59] الْإِسْنَادِ لَا يَثْبُتُ ، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِذَلِكَ ; فَإِنَّهُ لَمْ تَكُنْ مَعْرِفَتُهُ بِالْإِسْنَادِ
[ ص: 196 ] كَمَعْرِفَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ ، فَقِيهًا عَالِمًا
[60] .
قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ : عَوْدُ الشَّمْسِ بَعْدَ مَغِيبِهَا آكَدُ حَالًا فِيمَا يَقْتَضِي نَقْلُهُ ; لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فَضِيلَةً لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنَّهُ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ ، وَهُوَ مُفَارِقٌ لِغَيْرِهِ مِنْ
[61] فَضَائِلِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ .
قُلْتُ : وَهَذَا مِنْ أَظْهَرِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ ; فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ رَوَوْا فَضَائِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ ، وَذَكَرُوهَا فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِدِ ، رَوَوْهَا عَنِ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ الثِّقَاتِ الْمَعْرُوفِينَ . فَلَوْ كَانَ هَذَا مِمَّا رَوَاهُ الثِّقَاتُ ، لَكَانُوا أَرْغَبَ فِي رِوَايَتِهِ ، وَأَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى [ بَيَانِ ]
[62] صِحَّتِهِ ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا أَحَدًا رَوَاهُ بِإِسْنَادٍ يُعْرَفُ أَهْلُهُ بِحَمْلِ الْعِلْمِ ، وَلَا يُعْرَفُونَ بِالْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ ، مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْكَثِيرَةِ
[63] عَلَى تَكْذِيبِهِ .
[ ص: 197 ] قَالَ : وَقَالَ
أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عُقْدَةَ ، حَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو [64] ، أَنْبَأَنَا
[65] سُلَيْمَانُ بْنُ عَبَّادٍ ، سَمِعْتُ
بَشَّارَ بْنَ دَرَّاعٍ ، قَالَ : لَقِيَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ [66] مُحَمَّدَ بْنَ النُّعْمَانِ [67] فَقَالَ : عَمَّنْ رَوَيْتَ حَدِيثَ رَدِّ الشَّمْسِ ؟ فَقَالَ : عَنْ غَيْرِ الَّذِي رَوَيْتَ عَنْهُ يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ . قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَكُلُّ هَذِهِ أَمَارَاتُ ثُبُوتِ الْحَدِيثِ .
قُلْتُ : هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَئِمَّةَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يَكُونُوا يُصَدِّقُونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ; فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ . وَهَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ ، أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْمَشَاهِيرِ ، وَهُوَ لَا يُتَّهَمُ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، فَإِنَّهُ مِنْ
أَهْلِ الْكُوفَةِ دَارِ
الشِّيعَةِ ، وَقَدْ لَقِيَ مِنَ
الشِّيعَةِ ، وَسَمِعَ مِنْ فَضَائِلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ مَا شَاءَ اللَّهُ ، وَهُوَ يُحِبُّهُ وَيَتَوَلَّاهُ ، وَمَعَ هَذَا أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى
مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ [68] .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ أَعْلَمُ وَأَفْقَهُ مِنَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيِّ وَأَمْثَالِهِ ، وَلَمْ يُجِبْهُ
ابْنُ النُّعْمَانِ بِجَوَابٍ صَحِيحٍ ، بَلْ قَالَ : عَنْ غَيْرِ مَنْ رَوَيْتَ عَنْهُ حَدِيثَ : يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ .
فَيُقَالُ لَهُ : هَبْ أَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ ، فَأَيُّ شَيْءٍ فِي كَذِبِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى
[ ص: 198 ] صِدْقِ هَذَا . فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ
[69] ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990فَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=2لِعُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا كَرَامَاتٌ ، بَلْ أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ ; لِلدَّلَائِلِ الْكَثِيرَةِ عَلَى كَذِبِهِ ، وَمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْعِ وَالْعَقْلِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمَعْرُوفِينَ بِالْحَدِيثِ ، مِنَ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ ، وَهُمُ الَّذِينَ يَرْوُونَ عَنِ الصَّحَابَةِ ، بَلْ لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا كَذَّابٌ أَوْ مَجْهُولٌ لَا يُعْلَمُ عَدْلُهُ وَضَبْطُهُ ، فَكَيْفَ يُقْبَلُ هَذَا مِنْ مِثْلِ هَؤُلَاءِ ؟ !
وَسَائِرُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَوَدُّونَ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَذَا صَحِيحًا ; لِمَا فِيهِ مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَضِيلَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، عَلَى الَّذِينَ يُحِبُّونَهُ وَيَتَوَلَّوْنَهُ ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَجِيزُونَ التَّصْدِيقَ بِالْكَذِبِ ، فَرَدُّوهُ دِيَانَةً
[70] .