أخبرنا أبو بكر بن حبيب أنبأنا أبو سعيد الحبيري ، أنبأنا ابن باكوية ، أنبأنا أبو عبد الله الرازي ، عن أبي يعقوب النهرجوري ، قال : رأيت في الطواف رجلا بفرد عين وهو يقول في طوافه : أعوذ بك منك ، فقلت له : ما هذا الدعاء ؟ فقال : إني كنت مجاورا منذ [ ص: 136 ] خمسين سنة فنظرت إلى شخص يوما فاستحسنته ، فإذا بلطمة وقعت على عيني فسالت على خدي ، فقلت : آه ، فوقعت أخرى ، وقائل يقول : لو زدت لزدناك .
أخبرنا أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، أحمد بن علي الحافظ ، قال كتب لي أبو حاتم أحمد بن الحسين الرازي ، يذكر أنه سمع محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الحافظ يقول : قال أبو سعيد أحمد بن محمد الصوفي : حدثنا عبد الرحمن بن أحمد بن عيسى ، عن أبي الأديان قال كنت مع أستاذي أبي بكر الدقاق فمر حدث فنظرت إليه ، فرآني أستاذي وأنا أنظر إليه فقال : يا بني لتجدن غبها ولو بعد حين ، فبقيت عشرين سنة وأنا أراعي الغب ، فنمت ليلة وأنا متفكر فيه فأصبحت وقد نسيت القرآن كله .
أخبرنا أبو بكر الصوفي ، أنبأنا أبو سعيد بن أبي صادق ، حدثنا أبو عبد الله الشيرازي ، أنبأنا محمد بن أحمد النجار ، أخبرني أبو بكر الكتاني ، قال : رأيت بعض أصحابي في المنام فقلت له : ما فعل الله بك ؟ فقال : عرض علي سيئاتي وقال : فعلت كذا وكذا ؟ فقلت : نعم ، وقال : وفعلت كذا ؟ فقلت : نعم ، قال : وفعلت كذا وكذا ؟ فاستحييت أن أقر ، فقلت له : ما كان ذلك الذنب ؟ فقال : مر بي غلام حسن الوجه فنظرت إليه .
وقد روي عن أبي عبد الله الزراد أنه رئي في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي كل ذنب أقررت به إلا واحدا استحييت أن أقر به ، فأوقفني في العرق حتى سقط لحم وجهي ، قيل : ما كان الذنب ؟ قال : نظرت إلى شخص جميل .
وقد روى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أبو هريرة كل عين باكية يوم القيامة إلا عين غضت عن محارم الله ، وعين سهرت في سبيل الله ، وعين يخرج منها مثل رأس الذباب - يعني الدموع - من خشية الله .
إخواني : تذكروا مصير الصور ، وتفكروا في نزول بيت المدر ، وتلمحوا بعين الفكر في حال الصفا والكدر ، واعلموا أنكم في دار البلاء فالحذر الحذر .
أخبرنا أحمد بن أحمد الهاشمي ، حدثنا حدثنا أبو بكر الخطيب عبد الرحمن بن محمد النيسابوري ، أنبأنا محمد بن عبد الله بن شاذان ، قال : سمعت أبا عبد الله القرشي يقول : كان لي جار شاب وكان أديبا ، وكان يهوى غلاما أديبا ، فنظر يوما إلى طاقات شعر بيض في عارضيه فوقع له شيء من الفكر فهجر الغلام ، فكتب إليه الغلام :
[ ص: 137 ]
ما لي جفيت وكنت لا أجفى ودلائل الهجران لا تخفى وأراك تمزجني وتشربني
ولقد عهدتك شاربي صرفا
التصابي مع الشمط سمتني خطة شطط
لا تلمني على جفا ي فحسبي الذي فرط
أنا رهن بما جنيــــــ ـــت فذرني من الغلط
قد رأينا أبا الخلا ئق في زلة هبط
فتبصر ولا تشم كل برق رب برق فيه صواعق حين
واغضض الطرف تسترح من غرام تكتسي فيه ثوب ذل وشين
فبلاء الهوى موافقة النفــ ـــس وبدء الهوى طموح العين