وما تلوم جسمي عن لقائكم إلا وقلبي إليكم شيق عجل وكيف يقعد مشتاق يحركه
إليكم الحافزان الشوق والأمل فإن نهضت فما لي غيركم وطر
وإن قعدت فما لي غيركم شغل وكم تعرض لي الأقوام بعدكم
يستأذنون على قلبي فما وصلوا
سجع :
سبحان من قدمنا على جميع الناس ، وسقانا من معرفته أروى كاس ، وجعل نبينا أفضل نبي رعى وساس ، فلما فضله على الأمة وأنعم علينا بعلو الهمة قال لنا : كنتم خير أمة أخرجت للناس .
أو أبي بكر الصديق ، الذي أغص كسرى بالريق ، أو عمر الصابر على مر المذيق ، أو عثمان بحر العلم الغمر العميق ؛ أو مثل علي حمزة والعباس .
أفيهم مثل طلحة القرينين ، أو والزبير سعد وسعيد هيهات من أين ، ألهم صبر خباب ومن مثل الاثنين ، إن شبهناهم بهم أبعدنا القياس . هل شجرة الرضوان في أشجارهم ، هل وقعة بدر من أسمارهم ، إنما عرضت لهم غزاة في جميع أعمارهم ، وجهادنا مع الأنفاس وخبيب كنتم خير أمة أخرجت للناس . أفي الأمم مثل
أين أصحاب الأنبياء من أصحابنا ، هيهات ما القوم من أضرابنا ، ولا ثوابهم في الأخرى مثل ثوابنا ، نتق الجبل فقالوا : أقلنا ونحن قلنا في كتابنا على العينين والراس كنتم خير أمة أخرجت للناس .
[ ص: 405 ] ردوا كتابهم وقد سطر وصك ، وطلبوا صنما وقيد الهجر قد فك ، وشكوا عند الجبل وما فينا من يشك ، إن تشبيه المسك باللك وسواس . غمرهم التغفيل وتناهى فاعتقدوا للخالق أشباها ، فقالوا يوم اليم اجعل لنا إلها وما في عقائدنا نحن التباس .
آثر الصحابة الفقر والمجاعة ، واشتغلوا عن الدنيا بالطاعة ، وسألت النصارى مائدة للمجاعة ، إنما طلبوا قوت الأضراس .
أعند رهبانهم كزهد أفي متعبديهم أويس كعامر بن قيس ، أفي خايفهم كالفضيل ، هيهات ليس ضوء الشمس كالمقياس .
أفيهم مثل بشر ومعروف ، أفي زهادهم مذكور معروف ، أفي طوائفهم طائفة صلت وقد صلصلت السيوف ورنت الأقواس .
أفيهم مثل أبي حنيفة أو ومالك ، الهادي إلى المسالك ، كيف لا تمدحه وهو أجل من ذلك ما أحسن بنيانه والأساس . كالشافعي
أفيهم أعلى من وأنبل ، أو الحسن الذي بالورع تقبل ، أو ابن سيرين كأحمد الذي بذل نفسه وسبل ، تالله ما فيهم مثل ارفع صوتك بهذا ولا باس ابن حنبل ، كنتم خير أمة أخرجت للناس .
[ ص: 406 ] انتهى الجزء الأول من كتاب التبصرة للإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ويليه الجزء الثاني وأوله : " الطبقة الثانية " .