5 - باب المهادنة على النظر للمسلمين .
3735 - أخبرنا ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا أحمد بن عبد الجبار ، عن يونس بن بكير ، حدثني محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، مروان بن الحكم أنهما حدثاه جميعا ، والمسور بن مخرمة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يريد زيارة البيت ، ولا يريد حربا ، فذكر الحديث في مسيره ونزوله بالحديبية ، وبعثت إليه قريش ، فقالوا : اذهب إلى هذا الرجل فصالحه على أن يرجع عنا عامه هذا ، ولا تحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة . سهيل بن عمرو
فخرج سهيل من عندهم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال : " قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل " فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جرى بينهم القول حتى وقع الصلح على أن توضع الحرب بينهما عشر سنين ، وأن يأمن الناس بعضهم من بعض ، وأن يرجع عنهم عامهم ذلك ، حتى إذا كان العام المقبل قدمها خلوا بينه وبين مكة ، فأقام بها ثلاثا وأنه لا يدخلها إلا بسلاح الراكب والسيوف في القرب ، وأنه من أتانا من أصحابك بغير إذن وليه لم نرده عليك ، وأنه لا إسلال ولا إغلال . ثم ذكر الحديث في كراهية من كره من أصحابه الصلح . ثم قال : قدم الكتاب ليكتب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " قال سهيل : لا أعرف هذا ، ولكن اكتب باسمك اللهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اكتب باسمك اللهم ، هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم " فقال سهيل بن عمرو سهيل : لو شهدت أنك رسول الله ما قاتلتك ولكن اكتب [ ص: 13 ] باسمك وباسم أبيك قال : فأتي الصحيفة ليكتب إذ طلع أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد ، وقد كان أبوه حبسه فأفلت ، فلما رآه سهيل قام إليه فضرب وجهه وأخذ بلبته فتله ، وقال : يا محمد ! قد ولجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا قال : صدقت ، وصاح أبو جندل بأعلى صوته : يا معشر المسلمين أأرد إلى المشركين يفتنونني في ديني ؟ لأبي جندل : اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ، إنا قد صالحنا هؤلاء القوم وجرى بيننا وبينهم العهد ، وإنا لا نغدر . فذكر الحديث وفيه مدرجا : ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا ، فلما كان بين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة والمدينة نزلت عليه سورة الفتح ، فلما آمن الناس وتفاوضوا لم يكلم أحدا بالإسلام إلا دخل فيه ، لقد دخل في تلك السنتين في الإسلام أكثر مما كان قبل ذلك ، وكان صلح الحديبية فتحا عظيما .
قالا : ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واطمأن بها أفلت إليه أبو بصير : عتبة بن أسيد بن جارية الثقفي ، حليف بني زهرة ، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخنس بن شريق ، والأزهر بن عبد عوف ، وبعثا بكتابهما مع مولى لهما ورجل من بني عامر بن لؤي ، استأجراه ليرد عليهما صاحبها أبا بصير ، فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعا إليه كتابهما ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بصير فقال : " يا أبا بصير : إن هؤلاء القوم قد صالحونا على ما علمت ، وإنا لا نغدر ، فالحق بقومك ، فقال : يا رسول الله ! تردني إلى المشركين يفتنونني في ديني ويعبثون بي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اصبر يا أبا بصير ، اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين من المؤمنين فرجا ومخرجا ، قال : فخرج أبو بصير ، وخرجا ، حتى إذا كانوا بذي [ ص: 14 ] الحليفة جلسوا إلى سور جدار فقال أبو بصير للعامري : أصارم سيفك هذا يا أخا بني عامر ! قال : نعم ، قال : أنظر إليه قال : إن شئت ، فاستله وضرب به عنقه ، وخرج المولى يشتد فطلع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " هذا رجل قد رأى فزعا " فلما انتهى إليه قال : " ويلك مالك ؟ " قال : قتل صاحبكم صاحبي ، فما برح حتى طلع أبو بصير متوشحا السيف ، فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! وفت ذمتك وأدى الله عنك ، وقد امتنعت بنفسي من المشركين أن يفتنوني في ديني وأن يعبثوا بي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فخرج " ويل أمه محش حرب ، لو كان معه رجال " أبو بصير حتى نزل بالعيص . فذكر الحديث فيمن كان يلحق به ممن كان بمكة من المسلمين ، وقطعهم على من مر بهم من المشركين حتى كتبت فيها قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه بأرحامهم لما آواهم ، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدموا عليه المدينة .
3736 - أخبرنا ، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، أخبرنا عبيد بن شريك ، أخبرنا يحيى بن بكير ، عن الليث عقيل ، عن أنه قال : ابن شهاب بلغنا أنه قاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركي قريش على المدة التي جعل بينه وبينهم يوم الحديبية ، وأنزل الله فيما قضى به بينهم ، فأخبرني ، أنه سمع عروة بن الزبير ، مروان بن الحكم يخبران عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كاتب والمسور بن مخرمة يومئذ ، كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا ، فخليت بيننا وبينه ، فكره المؤمنون ذلك سهيل بن عمرو وأبى سهيل إلا ذلك ، فكاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورد يومئذ أبا جندل إلى أبيه [ ص: 15 ] ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلما ، وكانت سهيل بن عمرو ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وهي عاتق ، فجاء أهلها يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم ، أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن " . [الممتحنة : 10 ] قال فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهم : فأخبرتني عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحنهن بهذه الآية عائشة يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن "[الممتحنة : 12 ] قال : قالت عروة : فمن أقر بهذا الشرط منهن قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد بايعتك " كلاما . يكلمها به ، والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ، ما بايعهن إلا بقوله . عائشة
ورواه عن معمر وقال في الحديث : فقال الزهري سهيل على ألا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته علينا .
وفي رواية أخرى عن : معمر ثم جاء نسوة مؤمنات مهاجرات ، فنهاهم الله أن يردوهم إليهم وأمرهم أن يردوا الصداق .
3737 - وروينا عن عن عطاء أنه قال : ابن عباس وإن هاجر عبد أو أمة للمشركين أهل العهد لم يردوا ، وردت أثمانهم ، وإن هاجر عبد منهم يعني من أهل الحرب أو أمة فهما حران .
3738 - قال : ولا يعتق بالإسلام إلا في موضع وهو أن يخرج من بلاد منصوب عليها الحرب مسلما ، كما أعتق النبي صلى الله عليه وسلم من خرج من حصن ثقيف مسلما . الشافعي
[ ص: 16 ]
3739 - قال الشيخ : وفي حديث رضي الله عنه علي عبدان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية قبل الصلح فكتب إليه مواليهم فأبى أن يردهم وقال : " هم عتقاء الله " . خرج