الفصل الواحد والثلاثون في رواية خبرين يشتملان على جمل من صفاته البديعة ، وأخلاقه الحميدة الرفيعة ، وأحواله العجيبة العظيمة ، وما يتضمن ذلك من آدابه وسننه وشرائعه الموافقة لقضايا المعقول في الصحة والجواز
اقتصرنا من ذكر أخلاقه وصفاته على هذين الخبرين :
565 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14687سليمان بن أحمد قال ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16628علي بن عبد العزيز قال ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12125مالك بن إسماعيل النهدي . وثنا
أبو بكر الطلحي ، قال ثنا
إسماعيل بن محمد المزني قال ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12125أبو غسان مالك بن إسماعيل قال ثنا
جميع بن عمير بن عبد الرحمن العجلي قال حدثني رجل
بمكة عن
ابن أبي هالة التميمي :
[ ص: 628 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن بن علي بن أبي طالب قال : سألت خالي
هند بن أبي هالة التميمي وكان وصافا عن
nindex.php?page=treesubj&link=30948_30952_30950حلية النبي صلى الله عليه وسلم ، وأني أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما ، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر ، أطول من المربوع ، وأقصر من المشذب ، عظيم الهامة ، رجل الشعر إن انفرقت عقيصته فرق وإلا فلا ، يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره ، أزهر اللون ، واسع الجبين ، أزج الحواجب سوابغ في غير قرن ، بينهما عرق يدره الغضب ، أقنى العرنين له نور يعلوه ، يحسبه من لم يتأمله أشم ، كث اللحية ، سهل الخدين ، ضليع الفم ، أشنب ، مفلج الأسنان ، دقيق المسربة ، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة ، معتدل الخلق ، بادن متماسك ، سواء البطن والصدر ، عريض الصدر ، بعيد ما بين المنكبين ، ضخم الكراديس ، أنور المتجرد ، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط ، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك ، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر ، طويل الزندين ، رحب الراحة ، سبط القصب شثن الكفين والقدمين ، سائل الأطراف ، خمصان الأخمصين ، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء ، إذا زال زال قلعا ، يخطو تكفيا ، ويمشي هونا ، ذريع المشية ، إذا مشى كأنما ينحط من صبب ، وإذا التفت التفت جميعا ، خافض الطرف ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء ، جل نظره الملاحظة ، يسوق أصحابه ، يبدأ من لقي بالسلام . [ ص: 629 ] قلت : صف لي منطقه ؟ قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كان صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان ، دائم الفكرة ، ليست له راحة ، لا يتكلم في غير حاجة ، طويل السكوت ، يفتح الكلام ويختمه بأشداقه ، ويتكلم بجوامع الكلم ، كلامه فصل لا فضول ولا تقصير ، دمث ليس بالجافي ولا المهين ، يعظم النعمة وإن دقت ، لا يذم منها شيئا ، لا يذم ذواقا ، ولا يمدحه ، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها ، وإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد ، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له ، لا يغضب لنفسه ، ولا ينتصر لها ، إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجب قلبها ، وإذا تحدث اتصل بها ، فيضرب بباطن راحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى ، وإذا غضب أعرض وأشاح ، وإذا فرح غض طرفه ، جل ضحكه التبسم ، ويفتر عن مثل حب الغمام .
قال : فكتمتها
الحسين زمانا ، ثم حدثته ، فوجدته قد سبقني إليه ، فسأله عما سألته عنه ، ووجدته قد سأل أباه عن مدخله ومخرجه وشكله فلم يدع منه شيئا .
قال
الحسين : سألت أبي عن
nindex.php?page=treesubj&link=29398دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كان دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه مأذونا له في ذلك ، فكان إذا آوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء ، جزءا لله عز وجل ، وجزءا لأهله ، وجزءا لنفسه ، ثم جزءا جزأه بينه وبين الناس ، ويرد ذلك إلى العامة ولا يدخر عنهم شيئا ، فكان من سيرته في جزء الأمة : إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين ، فمنهم ذو الحاجة ، ومنهم ذو [ ص: 630 ] الحاجتين ، ومنهم ذو الحوائج ، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألتهم عنه ، وإخبارهم بالذي ينبغي لهم ، ويقول : " ليبلغ الشاهد الغائب ، وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته ، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه ثبت الله قدميه يوم القيامة " ولا يذكر عنده إلا ذاك ، ولا يقبل من أحد غيره ، يدخلون روادا ولا يفترقون إلا عن ذواق ، ويخرجون أدلة .
قال : فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه ؟
فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا مما يعنيهم ويؤلفهم ولا يفرقهم ، أو قال : ينفرهم ، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه ، يتفقد أصحابه ، ويسأل الناس عما في الناس ، ويحسن الحسن ويقويه ويقبح القبيح ويوهنه ، معتدل الأمر غير مختلف ، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا ، لكل حال عنده عتاد ، لا يقصر عن الحق ولا يجاوزه ، الذين يلونه من الناس خيارهم ، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة ، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة .
فسألته عن مجلسه ؟ فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر ، ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها ، إذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ، ويأمر بذلك ، ويعطي كل جلسائه بنصيبه ، لا [ ص: 631 ] يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه ، من جالسه أو فاوضه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف ، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول ، قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء ، مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة ، لا ترفع فيه الأصوات ولا تؤبن فيه الحرم ، ولا تثنى فلتاته ، متعادلين يتفاضلون فيه بالتقوى ، متواضعين يوقرون الكبير ، ويرحمون الصغير ، ويؤثرون ذوي الحاجة ، ويحفظون الغريب .
قال : قلت كيف كانت سيرته في جلسائه ؟ .
قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا فحاش ، ولا عياب ، ولا مزاح ، يتغافل عما لا يشتهي ، ولا يوئس منه راجيه ولا يخيب فيه ، قد ترك نفسه من ثلاث : المراء ، والإكثار ، وما لا يعنيه ؛ وترك الناس من ثلاث : كان لا يذم أحدا ، ولا يعيره ، ولا يطلب عورته ، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه ، كأنما على رؤوسهم الطير ، فإذا سكت تكلموا ، ولا يتنازعون عنده الحديث ، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ ، حديثهم عنده حديث أولهم ، يضحك مما يضحكون منه ، ويتعجب مما يتعجبون منه ، ويصبر للغريب على الجفوة من منطقه ومسألته ، حتى إن أصحابه ليستجلبونهم ويقول : إذا رأيتم طالب حاجة [ ص: 632 ] يطلبها فأرشدوه ، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز ، فيقطعه بنهي أو قيام .
قال ، قلت : كيف كان
nindex.php?page=treesubj&link=29398سكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كان سكوته صلى الله عليه وسلم على أربع ، على الحلم ، وعلى الحذر ، والتقدير ، والتفكر ؛ فأما تقديره : ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس ، وأما تذكره : أو قال تفكره ، ففيما يبقى ويفنى وجمع له الحلم في الصبر ، فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزه ، وجمع الحذر في أربع : أخذه بالحسن ليقتدى به ، وتركه للقبيح ليتناهى عنه ، واجتهاد الرأي فيما أصلح أمته ، والقيام فيما يجمع لهم الدنيا والآخرة .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14687سليمان بن أحمد ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16628علي بن عبد العزيز قال سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبا عبيد القاسم بن سلام يقول :
المشذب : المفرط في الطول وكذلك هو في كل شيء ، قال
جرير :
ألوي بها شذب العروق مشذب فكأنما وكنت على طربال
قوله رجل الشعر : الذي ليس بالسبط الذي لا تكسر فيه ولا القطط الشديد الجعودة ، يقول هو جعد بين هذين .
والعقيصة : الشعر المعقوص وهو نحو من المظفور ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه (من لبد أو عقص أو ظفر فعليه الحلق) .
وقوله أزج الحواجب سوابغ : الزجج في الحواجب : أن يكون فيها
[ ص: 633 ] تقوس مع طول في أطرافها ، وهو السبوغ فيها ، قال
جميل بن معمر :
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا
وقوله في غير قرن : القرن التقاء الحاجبين حتى يتصلا ، يقول : ليس هو كذلك ، ولكن بينهما فرجة ، يقال للرجل إذا كان كذلك أبلج ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي أن العرب تستحب هذا .
وقوله بينهما عرق يدره الغضب : يقول ، إذا در العرق الذي بين الحاجبين ، ودروره : غلظه ونتوؤه وامتلاؤه .
قوله أقنى العرنين : يعني الأنف يكون فيه دقة مع ارتفاع في قصبته ، يقال منه رجل أقنى وامرأة قنياء .
والأشم : أن يكون الأنف لا قنا فيه .
وقوله كث اللحية : الكثوثة أن تكون اللحية غير دقيقة ولا طويلة ، ولكن فيها كثافة من غير عظم ولا طول .
وقوله ضليع الفم : أحسبه يعني خلة في الشفتين .
وقوله أشنب : الأشنب هو الذي في أسنانه رقة وتحدد يقال منه : رجل أشنب وامرأة شنباء . ومنه قول
ذي الرمة :
لمياء في شفتيها حوة لعس وفي الثنايا وفي أنيابها شنب
والمفلج : الذي في أسنانه تفرق .
[ ص: 634 ] والمسربة : الشعر بين اللبة إلى السرة ، شعر يجري كالخط . قال
الأعشى :
الآن لما ابيض مسربتي وعضضت من نابي على جذم
وقوله جيد دمية : الجيد : العنق ، والدمية : الصورة .
وقوله ضخم الكراديس : اختلف الناس في الكراديس فقال بعضهم : هي العظام ، ومعناه أنه عظيم الألواح ، وبعضهم يجعل الكراديس رؤوس العظام ، والكراديس في غير هذا الكتاب .
الزندان : العظمان اللذان في الساعدين المتصلان بالكفين ، وصفه بطول الذراع .
سبط القصب : القصب : كل عظم ذي مخ ، مثل العضدين والذراعين ، وسبوطها : امتدادها ، يصفه بطول العظام .
وقوله شثن الكفين والقدمين : يريدان : فيهما بعض الغلظ .
والأخمص من القدم : في باطنها ما بين صدرها وعقبها وهو الذي لا يلصق بالأرض من القدمين في الوطء .
قال
الأعشى يصف امرأة بإيطائها في المشي :
كأن أخمصها بالشوك منتعل
وقوله خمصان الأخمصين : يعني أن ذلك الموضع من قدميه في تجاف عن الأرض وارتفاع ، وهو مأخوذ من خموصة البطن ، وهي ضمرة ، ومنه يقال رجل خمصان وامرأة خمصانة .
[ ص: 635 ]
وقوله مسيح القدمين : يعني أنهما متساويتان ملساوان ليس في ظهورهما تكسر ، ولهذا قال : ينبو عنهما الماء ، يعني أنه لا ثبات للماء عليهما .
وقوله إذا خطا تكفأ : يعني التمايل ، أخذه من تكفي السفن .
وقوله ذريع المشية : يعني واسع الخطا .
كأنما ينحط من صبب : أراه يريد أنه مقبل على ما بين يديه ، غاض بصره ، لا يرفعه إلى السماء ، وكذلك يكون المنحط ، فسره فقال خافض الطرف ، نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء .
وقوله إذا التفت التفت جميعا : يريد أنه لا يلوي عنقه دون جسده فإن فيه بعض الخفة والطيش .
وقوله دمث : وهو اللين السهل ، ومنه قيل للرجل دمث ، ومنه حديث : أنه
كان إذا أراد أن يبول رسول الله صلى الله عليه وسلم مال إلى دمث .
وقوله أعرض وأشاح ، الإشاحة : الجد وقد يكون الحذر .
وقوله يفتر عن مثل حب الغمام : الافترار : أن تكشر الأسنان ضاحكة من غير قهقهة ، وحب الغمام : البرد ، شبه به بياض أسنانه .
قال
جرير :
تجري السواك على أغر كأنه برد تحدر من متون غمام
وقوله يدخلون روادا . الرواد : الطالبون ، واحدهم رائد ، ومنه قولهم : " الرائد لا يكذب أهله " .
وقوله لكل حال عنده عتاد : يعني عدة قد أعد له .
لا يوطن الأماكن : أي لا يجعل لنفسه موضعا يعرف ، إنما يجلس
[ ص: 636 ] حيث ينتهي به المجلس ، ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=99441 " نهى أن يوطن الرجل المكان كما يوطن البعير " .
وقوله لا تؤبن فيه الحرم : يقول لا يوصف فيه النساء ، ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=941775نهى عن الشعر إذا أبنت فيه النساء .
قال
أبو عبيدة ثنا
أبو إسماعيل المؤدب عن
مجالد عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941776nindex.php?page=treesubj&link=1941_18936_18940كان رجال في المسجد يتناشدون الشعر فأقبل nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير فقال : أفي حرم الله وعند بيت الله تتناشدون الشعر ؟ . فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس بك بأس يا nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير إن لم تفسد نفسك ، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشعر إذا أبنت فيه النساء ، أو تروى فيه الأحوال .
وقوله لا تنثى فلتاته : الفلتات السقطات يتحدث بها ، يقال نثوت أنثو ، والاسم منه النثا ، وهذه الهاء التي في فلتاته ، راجعة على المجلس ، ألا ترى إلى صدر الكلام أنه سأله عن مجلسه ، ويقال أيضا : إنه لم يكن لمجلسه فلتات يحتاج أحد يحكيها ، فلتاته : يريد فلتات المجلس لا يحدث بها بعضهم عن بعض .
الْفَصْلُ الْوَاحِدُ وَالثَّلَاثُونَ فِي رِوَايَةِ خَبَرَيْنِ يَشْتَمِلَانِ عَلَى جُمَلٍ مِنْ صِفَاتِهِ الْبَدِيعَةِ ، وَأَخْلَاقِهِ الْحَمِيدَةِ الرَّفِيعَةِ ، وَأَحْوَالِهِ الْعَجِيبَةِ الْعَظِيمَةِ ، وَمَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ مِنْ آدَابِهِ وَسُنَنِهِ وَشَرَائِعِهِ الْمُوَافِقَةِ لِقَضَايَا الْمَعْقُولِ فِي الصِّحَّةِ وَالْجَوَازِ
اقْتَصَرْنَا مِنْ ذِكْرِ أَخْلَاقِهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ :
565 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14687سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16628عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12125مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ . وَثَنَا
أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ ، قَالَ ثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ قَالَ ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12125أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ ثَنَا
جَمِيعُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِجْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ
بِمَكَّةَ عَنِ
ابْنِ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيِّ :
[ ص: 628 ] عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : سَأَلْتُ خَالِي
هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيَّ وَكَانَ وَصَّافًا عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30948_30952_30950حِلْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنِّي أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخْمًا مُفَخَّمًا ، يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، أَطْوَلُ مِنَ الْمَرْبُوعِ ، وَأَقْصَرُ مِنَ الْمُشَذَّبِ ، عَظِيمُ الْهَامَةِ ، رَجِلُ الشَّعَرِ إِنِ انْفَرَقَتْ عَقِيصَتُهُ فَرَقَ وَإِلَّا فَلَا ، يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ إِذَا هُوَ وَفَرَهُ ، أَزْهَرُ اللَّوْنِ ، وَاسِعُ الْجَبِينِ ، أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ سَوَابِغَ فِي غَيْرِ قَرْنٍ ، بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ ، أَقْنَى الْعِرْنِينِ لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ ، يَحْسِبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، سَهْلُ الْخَدَّيْنِ ، ضَلِيعُ الْفَمِ ، أَشْنَبُ ، مُفْلَجُ الْأَسْنَانِ ، دَقِيقُ الْمَسْرُبَةِ ، كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ ، مُعْتَدِلُ الْخَلْقِ ، بَادِنٌ مُتَمَاسِكٌ ، سَوَاءُ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ ، عَرِيضُ الصَّدْرِ ، بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ ، ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ ، أَنْوَرُ الْمُتَجَرَّدِ ، مَوْصُولٌ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعَرٍ يَجْرِي كَالْخَطِّ ، عَارِي الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ ، أَشْعَرُ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وَأَعَالِي الصَّدْرِ ، طَوِيلُ الزِّنْدَيْنِ ، رَحْبُ الرَّاحَةِ ، سَبْطُ الْقَصَبِ شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ ، سَائِلُ الْأَطْرَافِ ، خُمْصَانُ الْأَخْمَصَيْنِ ، مَسِيحُ الْقَدَمَيْنِ يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ ، إِذَا زَالَ زَالَ قُلْعًا ، يَخْطُو تَكَفِّيًا ، وَيَمْشِي هَوْنًا ، ذَرِيعُ الْمِشْيَةِ ، إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا ، خَافِضُ الطَّرْفِ ، نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، جُلُّ نَظَرِهِ الْمُلَاحَظَةُ ، يَسُوقُ أَصْحَابَهُ ، يَبْدَأُ مَنْ لَقِيَ بِالسَّلَامِ . [ ص: 629 ] قُلْتُ : صِفْ لِي مَنْطِقَهُ ؟ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاصِلَ الْأَحْزَانِ ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ ، لَا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ ، طَوِيلَ السُّكُوتِ ، يَفْتَحُ الْكَلَامَ وَيَخْتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ ، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ ، كَلَامُهُ فَصْلٌ لَا فُضُولَ وَلَا تَقْصِيرَ ، دَمِثٌ لَيْسَ بِالْجَافِي وَلَا الْمُهِينِ ، يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ ، لَا يَذُمُّ مِنْهَا شَيْئًا ، لَا يَذُمُّ ذَوَاقًا ، وَلَا يَمْدَحُهُ ، وَلَا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا وَلَا مَا كَانَ لَهَا ، وَإِذَا تُعُوطِيَ الْحَقَّ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ ، وَلَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ ، لَا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ ، وَلَا يَنْتَصِرُ لَهَا ، إِذَا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا ، وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَبَهَا ، وَإِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِهَا ، فَيَضْرِبُ بِبَاطِنِ رَاحَتِهِ الْيُمْنَى بَاطِنَ إِبْهَامِهِ الْيُسْرَى ، وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ، وَإِذَا فَرِحَ غَضَّ طَرْفَهُ ، جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ ، وَيَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ .
قَالَ : فَكَتَمْتُهَا
الْحُسَيْنَ زَمَانًا ، ثُمَّ حَدَّثْتُهُ ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ ، فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ ، وَوَجَدْتُهُ قَدْ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ مَدْخَلِهِ وَمَخْرَجِهِ وَشَكْلِهِ فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا .
قَالَ
الْحُسَيْنُ : سَأَلْتُ أَبِي عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29398دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كَانَ دُخُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ ، فَكَانَ إِذَا آوَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ دُخُولَهُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ ، جُزْءًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَجُزْءًا لِأَهْلِهِ ، وَجُزْءًا لِنَفْسِهِ ، ثُمَّ جُزْءًا جَزَّأَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ ، وَيَرُدُّ ذَلِكَ إِلَى الْعَامَّةِ وَلَا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئًا ، فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الْأُمَّةِ : إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ وَقَسْمُهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ ، فَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ ، وَمِنْهُمْ ذُو [ ص: 630 ] الْحَاجَتَيْنِ ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ ، فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ وَيَشْغَلُهُمْ فِيمَا أَصْلَحَهُمْ وَالْأُمَّةَ مِنْ مَسْأَلَتِهِمْ عَنْهُ ، وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ ، وَيَقُولُ : " لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ، وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغِي حَاجَتَهُ ، فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا إِيَّاهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وَلَا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلَّا ذَاكَ ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرُهُ ، يَدْخُلُونَ رُوَّادًا وَلَا يَفْتَرِقُونَ إِلَّا عَنْ ذَوَاقٍ ، وَيَخْرُجُونَ أَدِلَّةً .
قَالَ : فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَخْرَجِهِ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ ؟
فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْزُنُ لِسَانَهُ إِلَّا مِمَّا يَعْنِيهِمْ وَيُؤَلِّفُهُمْ وَلَا يُفَرِّقُهُمْ ، أَوْ قَالَ : يُنَفِّرُهُمْ ، وَيُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ وَيُوَلِّيهِ عَلَيْهِمْ ، وَيُحَذِّرُ النَّاسَ وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْوِيَ عَنْ أَحَدٍ بِشْرَهُ وَلَا خُلُقَهُ ، يَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ ، وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ ، وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُقَوِّيهِ وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ وَيُوهِنُهُ ، مُعْتَدِلَ الْأَمْرِ غَيْرَ مُخْتَلِفٍ ، لَا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلُوا أَوْ يَمِيلُوا ، لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ ، لَا يَقْصُرُ عَنِ الْحَقِّ وَلَا يُجَاوِزُهُ ، الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ خِيَارُهُمْ ، أَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً ، وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَحْسَنُهُمْ مُوَاسَاةً وَمُؤَازَرَةً .
فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ ؟ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجْلِسُ وَلَا يَقُومُ إِلَّا عَلَى ذِكْرٍ ، وَلَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا ، إِذَا انْتَهَى إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ ، وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ ، وَيُعْطِي كُلَّ جُلَسَائِهِ بِنَصِيبِهِ ، لَا [ ص: 631 ] يَحْسَبُ جَلِيسُهُ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْهُ ، مَنْ جَالَسَهُ أَوْ فَاوَضَهُ فِي حَاجَةٍ صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُنْصِرَفَ ، وَمَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلَّا بِهَا أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ ، قَدْ وَسِعَ النَّاسَ بَسْطُهُ وَخُلُقُهُ فَصَارَ لَهُمْ أَبًا وَصَارُوا عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءً ، مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ ، لَا تُرْفَعُ فِيهِ الْأَصْوَاتُ وَلَا تُؤْبَنُ فِيهِ الْحُرَمُ ، وَلَا تُثْنَى فَلَتَاتُهُ ، مُتَعَادِلِينَ يَتَفَاضَلُونَ فِيهِ بِالتَّقْوَى ، مُتَوَاضِعِينَ يُوَقِّرُونَ الْكَبِيرَ ، وَيَرْحَمُونَ الصَّغِيرَ ، وَيُؤْثِرُونَ ذَوِي الْحَاجَةِ ، وَيَحْفَظُونَ الْغَرِيبَ .
قَالَ : قُلْتُ كَيْفَ كَانَتْ سِيرَتُهُ فِي جُلَسَائِهِ ؟ .
قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِمَ الْبِشْرِ ، سَهْلَ الْخُلُقِ ، لَيِّنَ الْجَانِبِ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ ، وَلَا صَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ ، وَلَا فَحَّاشٍ ، وَلَا عَيَّابٍ ، وَلَا مَزَّاحٍ ، يَتَغَافَلُ عَمَّا لَا يَشْتَهِي ، وَلَا يُوئَسُ مِنْهُ رَاجِيَهُ وَلَا يَخِيبُ فِيهِ ، قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ : الْمِرَاءِ ، وَالْإِكْثَارِ ، وَمَا لَا يَعْنِيهِ ؛ وَتَرَكَ النَّاسَ مِنْ ثَلَاثٍ : كَانَ لَا يَذُمُّ أَحَدًا ، وَلَا يُعَيِّرُهُ ، وَلَا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ ، وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ ، إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ ، كَأَنَّمَا عَلَى رُؤُوسِهِمُ الطَّيْرُ ، فَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا ، وَلَا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ الْحَدِيثَ ، مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ ، حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَوَّلِهِمْ ، يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ ، وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ ، وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ مِنْ مِنْطَقِهِ وَمَسْأَلَتِهِ ، حَتَّى إِنَّ أَصْحَابَهُ لَيَسْتَجْلِبُونَهُمْ وَيَقُولُ : إِذَا رَأَيْتُمْ طَالِبَ حَاجَةٍ [ ص: 632 ] يَطْلُبُهَا فَأَرْشِدُوهُ ، وَلَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا مِنْ مُكَافِئٍ ، وَلَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَجُوزَ ، فَيَقْطَعُهُ بِنَهْيٍ أَوْ قِيَامٍ .
قَالَ ، قُلْتُ : كَيْفَ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=29398سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773كَانَ سُكُوتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعٍ ، عَلَى الْحِلْمِ ، وَعَلَى الْحَذَرِ ، وَالتَّقْدِيرِ ، وَالتَّفَكُّرِ ؛ فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ : فَفِي تَسْوِيَةِ النَّظَرِ وَالِاسْتِمَاعِ بَيْنَ النَّاسِ ، وَأَمَّا تَذَكُّرُهُ : أَوْ قَالَ تَفَكُّرُهُ ، فَفِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى وَجُمِعَ لَهُ الْحِلْمُ فِي الصَّبْرِ ، فَكَانَ لَا يُغْضِبُهُ شَيْءٌ وَلَا يَسْتَفِزُّهُ ، وَجَمَعَ الْحَذَرَ فِي أَرْبَعٍ : أَخْذُهُ بِالْحَسَنِ لِيُقْتَدَى بِهِ ، وَتَرْكُهُ لِلْقَبِيحِ لِيُتَنَاهَى عَنْهُ ، وَاجْتِهَادُ الرَّأْيِ فِيمَا أَصْلَحَ أُمَّتَهُ ، وَالْقِيَامُ فِيمَا يَجْمَعُ لَهُمُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ .
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14687سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16628عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ يَقُولُ :
الْمُشَذَّبُ : الْمُفْرِطُ فِي الطُّولِ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، قَالَ
جَرِيرٌ :
أَلْوِي بِهَا شَذْبُ الْعُرُوقِ مُشَذَّبٌ فَكَأَنَّمَا وَكَنَتْ عَلَى طِرْبَالِ
قَوْلُهُ رَجِلُ الشَّعَرِ : الَّذِي لَيْسَ بِالسَّبِطِ الَّذِي لَا تَكَسُّرَ فِيهِ وَلَا الْقَطَطُ الشَّدِيدُ الْجُعُودَةِ ، يَقُولُ هُوَ جَعْدٌ بَيْنَ هَذَيْنِ .
وَالْعَقِيصَةُ : الشَّعَرُ الْمَعْقُوصُ وَهُوَ نَحْوٌ مِنَ الْمَظْفُورِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (مَنْ لَبَّدَ أَوْ عَقَصَ أَوْ ظَفَّرَ فَعَلَيْهِ الْحَلْقُ) .
وَقَوْلُهُ أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ سَوَابِغُ : الزَّجَجُ فِي الْحَوَاجِبِ : أَنْ يَكُونَ فِيهَا
[ ص: 633 ] تَقَوُّسٌ مَعَ طُولٍ فِي أَطْرَافِهَا ، وَهُوَ السُّبُوغُ فِيهَا ، قَالَ
جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ :
إِذَا مَا الْغَانِيَاتُ بَرَزْنَ يَوْمًا وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعُيُونَا
وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ قَرْنٍ : الْقَرَنُ الْتِقَاءُ الْحَاجِبَيْنِ حَتَّى يَتَّصِلَا ، يَقُولُ : لَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ ، وَلَكِنْ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ ، يُقَالَ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَبْلَجُ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيُّ أَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَحِبُّ هَذَا .
وَقَوْلُهُ بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ : يَقُولُ ، إِذَا دُرَّ الْعِرْقُ الَّذِي بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ ، وَدُرُورُهُ : غِلَظُهُ وَنُتُوؤُهُ وَامْتِلَاؤُهُ .
قَوْلُهُ أَقْنَى الْعِرْنِينِ : يَعْنِي الْأَنْفَ يَكُونُ فِيهِ دِقَّةٌ مَعَ ارْتِفَاعٍ فِي قَصَبَتِهِ ، يُقَالُ مِنْهُ رَجُلٌ أَقْنَى وَامْرَأَةُ قَنْيَاءُ .
وَالْأَشَمُّ : أَنْ يَكُونَ الْأَنْفُ لَا قَنًا فِيهِ .
وَقَوْلُهُ كَثُّ اللِّحْيَةِ : الْكُثُوثَةُ أَنْ تَكُونَ اللِّحْيَةُ غَيْرَ دَقِيقَةٍ وَلَا طَوِيلَةٍ ، وَلَكِنْ فِيهَا كَثَافَةٌ مِنْ غَيْرِ عِظَمٍ وَلَا طُولٍ .
وَقَوْلُهُ ضَلِيعُ الْفَمِ : أَحْسَبُهُ يَعْنِي خَلَّةً فِي الشَّفَتَيْنِ .
وَقَوْلُهُ أَشْنَبُ : الْأَشْنَبُ هُوَ الَّذِي فِي أَسْنَانِهِ رِقَّةٌ وَتَحَدُّدٌ يُقَالُ مِنْهُ : رَجُلٌ أَشْنَبُ وَامْرَأَةٌ شَنْبَاءُ . وَمِنْهُ قَوْلُ
ذِي الرُّمَّةِ :
لَمْيَاءُ فِي شَفَتَيْهَا حُوَّةٌ لَعَسٌ وَفِي الثَّنَايَا وَفِي أَنْيَابِهَا شَنَبُ
وَالْمُفَلَّجُ : الَّذِي فِي أَسْنَانِهِ تَفَرُّقٌ .
[ ص: 634 ] وَالْمَسْرُبَةُ : الشَّعَرُ بَيْنَ اللَّبَّةِ إِلَى السُّرَّةِ ، شَعَرٌ يَجْرِي كَالْخَطِّ . قَالَ
الْأَعْشَى :
الْآنَ لَمَّا ابْيَضَّ مَسْرُبَتِي وَعَضَضْتُ مِنْ نَابِي عَلَى جِذْمِ
وَقَوْلُهُ جِيدُ دُمْيَةٍ : الْجِيدُ : الْعُنُقُ ، وَالدُّمْيَةُ : الصُّورَةُ .
وَقَوْلُهُ ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْكَرَادِيسِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ الْعِظَامُ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ عَظِيمُ الْأَلْوَاحِ ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الْكَرَادِيسَ رُؤُوسَ الْعِظَامِ ، وَالْكَرَادِيسُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ .
الزِّنْدَانُ : الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ فِي السَّاعِدَيْنِ الْمُتَّصِلَانِ بِالْكَفَّيْنِ ، وَصَفَهُ بِطُولِ الذِّرَاعِ .
سَبِطُ الْقَصَبِ : الْقَصَبُ : كُلُّ عَظْمٍ ذِي مُخٍّ ، مِثْلُ الْعَضُدَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ ، وَسُبُوطُهَا : امْتِدَادُهَا ، يَصَفَهُ بِطُولِ الْعِظَامِ .
وَقَوْلُهُ شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ : يُرِيدَانِ : فِيهِمَا بَعْضَ الْغِلَظِ .
وَالْأَخْمَصُ مِنَ الْقَدَمِ : فِي بَاطِنِهَا مَا بَيْنَ صَدْرِهَا وَعَقِبِهَا وَهُوَ الَّذِي لَا يَلْصَقُ بِالْأَرْضِ مِنَ الْقَدَمَيْنِ فِي الْوَطْءِ .
قَالَ
الْأَعْشَى يَصِفُ امْرَأَةً بِإِيطَائِهَا فِي الْمَشْيِ :
كَأَنَّ أَخْمَصَهَا بِالشَّوْكِ مُنْتَعِلُ
وَقَوْلُهُ خُمْصَانُ الْأَخْمَصَيْنِ : يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنْ قَدَمَيْهِ فِيِ تَجَافٍ عَنِ الْأَرْضِ وَارْتِفَاعٍ ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ خُمُوصَةِ الْبَطْنِ ، وَهِيَ ضَمْرَةٌ ، وَمِنْهُ يُقَالُ رَجُلٌ خُمْصَانُ وَامْرَأَةٌ خُمْصَانَةٌ .
[ ص: 635 ]
وَقَوْلُهُ مَسِيحُ الْقَدَمَيْنِ : يَعْنِي أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيتَانِ مَلْسَاوَانِ لَيْسَ فِي ظُهُورِهِمَا تَكَسُّرٌ ، وَلِهَذَا قَالَ : يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا ثَبَاتَ لِلْمَاءِ عَلَيْهِمَا .
وَقَوْلُهُ إِذَا خَطَا تَكَفَّأَ : يَعْنِي التَّمَايُلَ ، أَخَذَهُ مِنْ تَكَفِّي السُّفُنِ .
وَقَوْلُهُ ذَرِيعُ الْمِشْيَةِ : يَعْنِي وَاسِعَ الْخُطَا .
كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ : أُرَاهُ يُرِيدُ أَنَّهُ مُقْبِلٌ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، غَاضٌّ بَصَرَهُ ، لَا يَرْفَعُهُ إِلَى السَّمَاءِ ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْمُنْحَطُّ ، فَسَّرَهُ فَقَالَ خَافِضُ الطَّرْفِ ، نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ .
وَقَوْلُهُ إِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا : يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْوِي عُنُقَهُ دُونَ جَسَدِهِ فَإِنَّ فِيهِ بَعْضَ الْخِفَّةِ وَالطَّيْشِ .
وَقَوْلُهُ دَمِثٌ : وَهُوَ اللَّيِّنُ السَّهْلُ ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ دَمْثٌ ، وَمِنْهُ حَدِيثُ : أَنَّهُ
كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبُولَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَ إِلَى دَمْثٍ .
وَقَوْلُهُ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ، الْإِشَاحَةُ : الْجِدُّ وَقَدْ يَكُونُ الْحَذَرَ .
وَقَوْلُهُ يَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ : الِافْتِرَارُ : أَنْ تُكَشِّرَ الْأَسْنَانَ ضَاحِكَةً مِنْ غَيْرِ قَهْقَهَةٍ ، وَحَبُّ الْغَمَامِ : الْبَرَدُ ، شَبَّهَ بِهِ بَيَاضَ أَسْنَانِهِ .
قَالَ
جَرِيرٌ :
تَجْرِي السِّوَاكُ عَلَى أَغَرَّ كَأَنَّهُ بَرَدٌ تَحَدَّرَ مِنْ مُتُونِ غَمَامِ
وَقَوْلُهُ يَدْخُلُونَ رُوَّادًا . الرُّوَّادُ : الطَّالِبُونَ ، وَاحِدُهُمْ رَائِدٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : " الرَّائِدُ لَا يَكْذِبُ أَهْلَهُ " .
وَقَوْلُهُ لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ : يَعْنِي عُدَّةً قَدْ أَعَدَّ لَهُ .
لَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ : أَيْ لَا يَجْعَلُ لِنَفْسِهِ مَوْضِعًا يُعْرَفُ ، إِنَّمَا يَجْلِسُ
[ ص: 636 ] حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ ، وَمِنْهُ حَدِيثُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=99441 " نَهَى أَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ كَمَا يُوَطِّنُ الْبَعِيرُ " .
وَقَوْلُهُ لَا تُؤْبَنُ فِيهِ الْحُرَمُ : يَقُولُ لَا يُوصَفُ فِيهِ النِّسَاءُ ، وَمِنْهُ حَدِيثُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=941775نَهَى عَنِ الشِّعْرِ إِذَا أُبِّنَتْ فِيهِ النِّسَاءُ .
قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ ثَنَا
أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ عَنْ
مُجَالِدٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941776nindex.php?page=treesubj&link=1941_18936_18940كَانَ رِجَالٌ فِي الْمَسْجِدِ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ فَأَقْبَلَ nindex.php?page=showalam&ids=16414ابْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ : أَفِي حَرَمِ اللَّهِ وَعِنْدَ بَيْتِ اللَّهِ تَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ ؟ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَيْسَ بِكَ بَأْسٌ يَا nindex.php?page=showalam&ids=16414ابْنَ الزُّبَيْرِ إِنْ لَمْ تُفْسِدْ نَفْسَكَ ، إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشِّعْرِ إِذَا أُبِّنَتْ فِيهِ النِّسَاءُ ، أَوْ تُرْوَى فِيهِ الْأَحْوَالُ .
وَقَوْلُهُ لَا تَنْثَى فَلَتَاتُهُ : الْفَلَتَاتُ السَّقَطَاتُ يَتَحَدَّثُ بِهَا ، يُقَالُ نَثَوْتُ أَنْثُو ، وَالِاسْمُ مِنْهُ النَّثَا ، وَهَذِهِ الْهَاءُ الَّتِي فِي فَلَتَاتِهِ ، رَاجِعَةٌ عَلَى الْمَجْلِسِ ، أَلَا تَرَى إِلَى صَدْرِ الْكَلَامِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ مَجْلِسِهِ ، وَيُقَالُ أَيْضًا : إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِمَجْلِسِهِ فَلَتَاتٌ يَحْتَاجُ أَحَدٌ يَحْكِيهَا ، فَلَتَاتُهُ : يُرِيدُ فَلَتَاتِ الْمَجْلِسِ لَا يُحَدِّثُ بِهَا بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ .