13 - حدثنا
عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا
عبد الرحمن بن الحسن ، ثنا
مسعود بن يزيد القطان ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، قال : ثنا
عباد بن يزيد ، عن
موسى بن عقبة القرشي ، أن
هشام بن العاص nindex.php?page=showalam&ids=17212ونعيم بن عبد الله ورجلا آخر قد سماه بعثوا إلى ملك
الروم زمن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ، قال : " فدخلنا على
جبلة بن الأيهم وهو
بالغوطة ، فإذا عليه ثياب سود وإذا كل شيء حوله أسود ، فقال : يا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام كلمه ، فكلمه ودعاه إلى الله تعالى ، فقال : ما هذه الثياب السود ؟ قال : لبستها نذرا ولا أنزعها حتى أخرجكم من
الشام كلها ، قال : فقلنا : فوالله لنأخذنه منك وملك الملك الأعظم إن شاء الله ، أخبرنا بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم ، قال : فأنتم إذا السمراء ؟ قلنا : السمراء
[ ص: 51 ] قال : لستم بهم ، قلنا : ومن هم ؟ قال : هم الذين يصومون بالنهار ، ويقومون الليل ، قلنا : نحن هم والله ، قال : فكيف صومكم ؟ فوصفنا له صومنا ، قال : فكيف صلاتكم ؟ فوصفنا له صلاتنا ، قال : فالله يعلم لقد غشيه سواد حتى صار وجهه كأنه قطعة من طابق ، قال : قوموا ، فأمر بنا إلى الملك ، قال : فانطلقنا ، فلقينا الرسول بباب المدينة فقال : إن شئتم أتيتكم ببغال ، وإن شئتم أتيتكم ببراذين ، فقلنا : لا والله ، لا ندخل عليه إلا كما نحن ، قال : فأرسل إليه : أنهم يأبون ، قال : فأرسل : خل سبيلهم ، قال : فدخلنا متعممين ، متقلدين السيوف ، على الرواحل ، فلما كنا بباب الملك إذا هو في غرفة عالية ، فنظر إلينا ، قال : فرفعنا رؤوسنا ، فقلنا : لا إله إلا الله ، قال : فالله يعلم لنفضت الغرفة كلها حتى كأنها عذق نفضته الريح ، قال : فأرسل إلينا : إن هذا ليس لكم أن تجهروا بدينكم علي ، فأرسل إلينا : أن ادخلوا ، فدخلنا ، فإذا هو على فراش إلى السقف ، وإذا عليه ثياب حمر ، وإذا كل شيء عنده أحمر ، وإذا عنده بطارقة
الروم ، قال : وإذا هو يريد أن يكلمنا برسول ، فقلنا : لا والله ، لا نكلمه برسول ، وإنما بعثنا إلى الملك ، فإن كنت تحب أن نكلمك ، فائذن لنا نكلمك ، فلما دخلنا عليه ضحك ، فإذا هو رجل فصيح يحسن العربية ، فقلنا : لا إله إلا الله ، قال : فالله يعلم ، لقد نفض السقف ، حتى رفع رأسه هو
[ ص: 52 ] وأصحابه ، فقال : ما أعظم كلامكم عندكم ؟ فقلنا : هذه الكلمة ، قال : التي قلتماها قبل ؟ قلنا : نعم ، قال : وإذا قلتموها في بلاد عدوكم نفضت سقوفهم ؟ قلنا : لا ، قال : فإذا قلتموها في بلادكم نفضت سقوفكم ؟ قلنا : لا ، وما رأيناها فعلت هذا ، وما هو إلا شيء ميزت به ، فقال : ما أحسن الصدق ! ! فما تقولون إذا فتحتم المدائن ؟ قالوا : نقول : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، قال : تقولون : لا إله إلا الله ليس معه شيء ، والله أكبر من كل شيء ؟ قلنا : نعم ، قال : فما منعكم أن تحيوني بتحيتكم بينكم ؟ قلنا : إن تحية بيننا لا تحل لك ، وتحيتك لا تحل لنا فنحييك بها ، قال : وما تحيتكم ؟ قلنا : تحية أهل الجنة ، قال : وبها كنتم تحيون نبيكم ؟ قلنا : نعم قال : وبها يحييكم ؟ قلنا : نعم ، قال : فمن كان يورث منكم ؟ قلنا : من كان أقرب قرابة ، قال : وكذلكم ملوككم ؟ قلنا : نعم ، قال : فأمر لنا بمنزل كبير ، ومنزل حسن ، قال : فمكثنا ثلاثا ، ثم أرسل إلينا ليلا فدخلنا عليه ، وليس عنده أحد فاستعادنا كلامنا ، فأعدناه عليه ، فإذا عنده شبه الربعة العظيمة مذهبة ، وإذا فيها أبواب صغار ،
[ ص: 53 ] ففتح منها بابا ، فاستخرج منه خرقة حرير سوداء فيها صورة بيضاء ، فإذا رجل طويل أكثر الناس شعرا ، فقال : تعرفون هذا ؟ قلنا : لا ، قال : هذا
آدم ، ثم أعاده ، وفتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء فيها صورة بيضاء فإذا رجل ضخم الرأس عظيم له شعر كشعر القبط ، أعظم الناس إليتين ، أحمر العينين ، فقال : أتعرفون هذا ؟ قلنا : لا ، قال : هذا
نوح ، ثم أعاده ، وفتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء ، فيها صورة بيضاء فإذا رجل أبيض الرأس واللحية كأنه حي يبتسم ، فقال : أتعرفون هذا ؟ قلنا : لا ، فقال : هذا
إبراهيم ، ثم أعاده ، وفتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء فيها صورة بيضاء ، قال : قلنا : النبي
محمد صلى الله عليه وسلم ، قال : هذا والله
محمد رسول الله ، قال : فالله يعلم أنه قام ثم قعد ثم قال : الله بدينكم ، إنه نبيكم ؟ قلنا : الله بديننا إنه نبينا ، كأنما ننظر إليه حيا ، قال : إنما كان آخر الأبواب ، ولكني عجلته ؛ لأنظر ماذا عندكم ، ثم أعاده ، وفتح بابا آخر فاستخرج منه خرقة سوداء فيها صورة بيضاء فإذا رجل مقلص الشفتين ، غائر العينين ، متراكب الأسنان ، كث اللحية ، عابس ، فقال : تعرفون هذا ؟ قلنا : لا ، قال : هذا موسى ، وإلى جنبه رجل يشبهه غير أن في عينيه قبلا ، وفي رأسه استدارة ، فقال : هذا
هارون ، ثم رفعها ، ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه خرقة سوداء فيها صورة حمراء ، أو
[ ص: 54 ] بيضاء ، وإذا رجل مربوع ، فقال : تعرفون هذا ؟ قلنا : لا ، قال : هذا
داود ، ثم أعاده ، وفتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة أو خرقة سوداء ، فيها صورة بيضاء ، وإذا رجل راكب على فرس ، طويل الرجلين ، قصير الظهر ، كل شيء منه جناح تحفه الريح ، قال : أتعرفون هذا ؟ قلنا : لا ، قال :
سليمان ، ثم أعاده ، وفتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة سوداء ، فيها صورة بيضاء ، وإذا صورة شاب تعلوه صفرة ، صلت الجبين ، حسن اللحية ، يشبهه كل شيء منه قال : أتعرفون هذا ؟ قلنا : لا ، قال : هذا
عيسى ابن مريم ، ثم أعاده ، وأمر بالربعة ، فرفعت ، فقلنا : هذه صورة نبينا ، قد عرفناها ، فإنا قد رأيناه ، فهذه الصور التي لم نرها كيف نعرفها أنها هي ؟ فقال : إن
آدم عليه السلام سأل ربه أن يريه صورة نبي نبي ، فأخرج إليه صورهم في خرق الحرير من الجنة ، فأصابها
ذو القرنين في خزانة
آدم في مغرب الشمس ، فلما كان دانيال صورها هذه الصور ، فهي بأعيانها ، فوالله لو تطيب نفسي في الخروج عن ملكي ما باليت أن أكون عبدا لأشدكم ملكة ، ولكن عسى أن تطيب نفسي ، قال : فأحسن جائزتنا ، وأخرجنا .
وفي رواية
شرحبيل : ففتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء ، إذا فيها صورة رجل كأنه صورة
آدم ، سبط ، ربعة ، كأنه غضبان ، حسن الوجه قال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا قال : هذا
لوط ، ثم أعاده
[ ص: 55 ] ، وفتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فيها صورة رجل أبيض مشرب حمرة أحنى خفيف العارضين ، حسن الوجه ، قال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا قال : هذا
إسحاق ، ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فيها صورة تشبه صورة
إسحاق إلا أن على شفته السفلى خالا ، قال : تعرفون هذا ؟ قلنا : لا ، قال : هذا
يعقوب ، ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فيها صورة رجل أبيض حسن الوجه ، أقنى الأنف ، حسن القامة ، يعلو وجهه النور ، يعرف في وجهه الخشوع ، يضرب إلى الحمرة ، فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا قال : هذا
إسماعيل جد نبيكم ، ثم فتح بابا آخر فاستخرج منه حريرة بيضاء فيها صورة رجل كأنه صورة
آدم ، كأن وجهه الشمس قال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا قال :
يوسف ، ثم ذكر القصة إلى آخرها ، وزاد : فلما قدمنا على
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر حدثناه بما رأينا وما قال لنا وما أدنانا ، فبكى
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، وقال : مسكين ، لو أراد الله به خيرا لفعل ، ثم قال :
nindex.php?page=treesubj&link=28978_30589_30588أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم اليهود يجدون بعث محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال الله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل .
قال الشيخ رضي الله عنه : ففي هذه القصة علم أهل الكتابين بصفة نبينا عليه السلام ، وباسمه ، وببعثه .
[ ص: 56 ]
وانتفاض الغرفة حين أهلوا بلا إله إلا الله وما يوجد من المعجزات بعد موت الأنبياء ، كما يوجد أمثالها قبل بعثتهم ، إعلاما ، وإيذانا بقرب مبعثهم ومجيئهم ، ولهذا قرائن ونظائر تذكر في تضاعيف الأبواب على ما شرطنا إن شاء الله تعالى .
[ ص: 57 ]
13 - حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، ثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ ، ثَنَا
مَسْعُودُ بْنُ يَزِيدَ الْقَطَّانُ ، قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : ثَنَا
عَبَّادُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ
مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ الْقُرَشِيِّ ، أَنَّ
هِشَامَ بْنَ الْعَاصِ nindex.php?page=showalam&ids=17212وَنُعَيْمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَرَجُلًا آخَرَ قَدْ سَمَّاهُ بُعِثُوا إِلَى مَلِكِ
الرُّومِ زَمَنَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ : " فَدَخَلْنَا عَلَى
جَبَلَةَ بْنِ الْأَيْهَمِ وَهُوَ
بِالْغُوطَةِ ، فَإِذَا عَلَيْهِ ثِيَابٌ سُودٌ وَإِذَا كُلُّ شَيْءٍ حَوْلَهُ أَسْوَدُ ، فَقَالَ : يَا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامُ كَلِّمْهُ ، فَكَلَّمَهُ وَدَعَاهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، فَقَالَ : مَا هَذِهِ الثِّيَابُ السُّودُ ؟ قَالَ : لَبِسْتُهَا نَذْرًا وَلَا أَنْزِعُهَا حَتَّى أُخْرِجَكُمْ مِنَ
الشَّامِ كُلِّهَا ، قَالَ : فَقُلْنَا : فَوَاللَّهِ لَنَأْخُذَنَّهُ مِنْكَ وَمُلْكَ الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَأَنْتُمْ إِذًا السَّمْرَاءُ ؟ قُلْنَا : السَّمْرَاءُ
[ ص: 51 ] قَالَ : لَسْتُمْ بِهِمْ ، قُلْنَا : وَمَنْ هُمْ ؟ قَالَ : هُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ بِالنَّهَارِ ، وَيَقُومُونَ اللَّيْلَ ، قُلْنَا : نَحْنُ هُمْ وَاللَّهِ ، قَالَ : فَكَيْفَ صَوْمُكُمْ ؟ فَوَصَفْنَا لَهُ صَوْمَنَا ، قَالَ : فَكَيْفَ صَلَاتُكُمْ ؟ فَوَصَفْنَا لَهُ صَلَاتَنَا ، قَالَ : فَاللَّهُ يَعْلَمُ لَقَدْ غَشِيَهُ سَوَادٌ حَتَّى صَارَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ قِطْعَةُ مِنْ طَابِقٍ ، قَالَ : قُومُوا ، فَأَمَرَ بِنَا إِلَى الْمَلِكِ ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا ، فَلَقِيَنَا الرَّسُولُ بِبَابِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : إِنْ شِئْتُمْ أَتَيْتُكُمْ بِبِغَالٍ ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَتَيْتُكُمْ بِبَرَاذِينَ ، فَقُلْنَا : لَا وَاللَّهِ ، لَا نَدْخُلُ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا نَحْنُ ، قَالَ : فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ : أَنَّهُمْ يَأْبَوْنَ ، قَالَ : فَأَرْسَلَ : خَلِّ سَبِيلَهُمْ ، قَالَ : فَدَخَلْنَا مُتَعَمِّمِينَ ، مُتَقَلِّدِينَ السُّيُوفَ ، عَلَى الرَّوَاحِلِ ، فَلَمَّا كُنَّا بِبَابِ الْمَلِكِ إِذَا هُوَ فِي غُرْفَةٍ عَالِيَةٍ ، فَنَظَرَ إِلَيْنَا ، قَالَ : فَرَفَعْنَا رُؤُوسَنَا ، فَقُلْنَا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، قَالَ : فَاللَّهُ يَعْلَمُ لَنَفَضَتِ الْغُرْفَةُ كُلُّهَا حَتَّى كَأَنَّهَا عِذْقٌ نَفَضَتْهُ الرِّيحُ ، قَالَ : فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا : إِنَّ هَذَا لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَجْهَرُوا بِدِينِكُمْ عَلَيَّ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا : أَنِ ادْخُلُوا ، فَدَخَلْنَا ، فَإِذَا هُوَ عَلَى فِرَاشٍ إِلَى السَّقْفِ ، وَإِذَا عَلَيْهِ ثِيَابٌ حُمْرٌ ، وَإِذَا كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ أَحْمَرُ ، وَإِذَا عِنْدَهُ بَطَارِقَةُ
الرُّومِ ، قَالَ : وَإِذَا هُوَ يُرِيدُ أَنْ يُكَلِّمَنَا بِرَسُولٍ ، فَقُلْنَا : لَا وَاللَّهِ ، لَا نُكَلِّمُهُ بِرَسُولٍ ، وَإِنَّمَا بُعِثْنَا إِلَى الْمَلِكِ ، فَإِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ نُكَلِّمَكَ ، فَائْذَنْ لَنَا نُكَلِّمْكَ ، فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ ضَحِكَ ، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ فَصِيحٌ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ ، فَقُلْنَا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، قَالَ : فَاللَّهُ يَعْلَمُ ، لَقَدْ نَفَضَ السَّقْفُ ، حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ هُوَ
[ ص: 52 ] وَأَصْحَابُهُ ، فَقَالَ : مَا أَعْظَمُ كَلَامِكُمْ عِنْدَكُمْ ؟ فَقُلْنَا : هَذِهِ الْكَلِمَةُ ، قَالَ : الَّتِي قُلْتُمَاهَا قَبْلُ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : وَإِذَا قُلْتُمُوهَا فِي بِلَادِ عَدُوِّكُمْ نَفَضَتْ سُقُوفُهُمْ ؟ قُلْنَا : لَا ، قَالَ : فَإِذَا قُلْتُمُوهَا فِي بِلَادِكُمْ نَفَضَتْ سُقُوفُكُمْ ؟ قُلْنَا : لَا ، وَمَا رَأَيْنَاهَا فَعَلَتْ هَذَا ، وَمَا هُوَ إِلَّا شَيْءٌ مُيِّزْتَ بِهِ ، فَقَالَ : مَا أَحْسَنَ الصِّدْقَ ! ! فَمَا تَقُولُونَ إِذَا فَتَحْتُمُ الْمَدَائِنَ ؟ قَالُوا : نَقُولُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، قَالَ : تَقُولُونَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : فَمَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُحَيُّونِي بِتَحِيَّتِكُمْ بَيْنَكُمْ ؟ قُلْنَا : إِنَّ تَحِيَّةً بَيْنَنَا لَا تَحِلُّ لَكَ ، وَتَحِيَّتُكَ لَا تَحِلُّ لَنَا فَنُحَيِّيكَ بِهَا ، قَالَ : وَمَا تَحِيَّتُكُمْ ؟ قُلْنَا : تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، قَالَ : وَبِهَا كُنْتُمْ تُحَيُّونَ نَبِيَّكُمْ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ قَالَ : وَبِهَا يُحَيِّيكُمْ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : فَمَنْ كَانَ يُورَثُ مِنْكُمْ ؟ قُلْنَا : مَنْ كَانَ أَقْرَبَ قَرَابَةٍ ، قَالَ : وَكَذَلِكُمْ مُلُوكُكُمْ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : فَأَمَرَ لَنَا بِمَنْزِلٍ كَبِيرٍ ، وَمَنْزِلٍ حَسَنٍ ، قَالَ : فَمَكَثْنَا ثَلَاثًا ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْنَا لَيْلًا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ فَاسْتَعَادَنَا كَلَامَنَا ، فَأَعَدْنَاهُ عَلَيْهِ ، فَإِذَا عِنْدَهُ شِبْهُ الرَّبْعَةِ الْعَظِيمَةِ مُذَهَّبَةٌ ، وَإِذَا فِيهَا أَبْوَابٌ صِغَارٌ ،
[ ص: 53 ] فَفَتَحَ مِنْهَا بَابًا ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ خِرْقَةَ حَرِيرٍ سَوْدَاءَ فِيهَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ ، فَإِذَا رَجُلٌ طَوِيلٌ أَكْثَرُ النَّاسِ شَعْرًا ، فَقَالَ : تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ قُلْنَا : لَا ، قَالَ : هَذَا
آدَمُ ، ثُمَّ أَعَادَهُ ، وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ فِيهَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ فَإِذَا رَجُلٌ ضَخْمُ الرَّأْسِ عَظِيمٌ لَهُ شَعَرٌ كَشَعْرِ الْقِبْطِ ، أَعْظَمُ النَّاسِ إِلْيَتَيْنِ ، أَحْمَرُ الْعَيْنَيْنِ ، فَقَالَ : أَتَعْرِفُونَ هَذَا ؟ قُلْنَا : لَا ، قَالَ : هَذَا
نُوحٌ ، ثُمَّ أَعَادَهُ ، وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ ، فِيهَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ فَإِذَا رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ كَأَنَّهُ حَيُّ يَبْتَسِمُ ، فَقَالَ : أَتَعْرِفُونَ هَذَا ؟ قُلْنَا : لَا ، فَقَالَ : هَذَا
إِبْرَاهِيمُ ، ثُمَّ أَعَادَهُ ، وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ فِيهَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ ، قَالَ : قُلْنَا : النَّبِيُّ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : هَذَا وَاللَّهِ
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ : فَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَامَ ثُمَّ قَعَدَ ثُمَّ قَالَ : اللَّهِ بِدِينِكُمْ ، إِنَّهُ نَبِيُّكُمْ ؟ قُلْنَا : اللَّهِ بِدِينِنَا إِنَّهُ نَبِيُّنَا ، كَأَنَّمَا نَنْظُرُ إِلَيْهِ حَيًّا ، قَالَ : إِنَّمَا كَانَ آخِرَ الْأَبْوَابِ ، وَلَكِنِّي عَجَّلْتُهُ ؛ لِأَنْظُرَ مَاذَا عِنْدَكُمْ ، ثُمَّ أَعَادَهُ ، وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ خِرْقَةً سَوْدَاءَ فِيهَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ فَإِذَا رَجُلٌ مُقَلَّصُ الشَّفَتَيْنِ ، غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ ، مُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، عَابِسٌ ، فَقَالَ : تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ قُلْنَا : لَا ، قَالَ : هَذَا مُوسَى ، وَإِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ يُشْبِهُهَ غَيْرَ أَنَّ فِي عَيْنَيْهِ قُبْلًا ، وَفِي رَأْسِهِ اسْتِدَارَةٌ ، فَقَالَ : هَذَا
هَارُونُ ، ثُمَّ رَفَعَهَا ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ خِرْقَةً سَوْدَاءَ فِيهَا صُورَةٌ حَمْرَاءُ ، أَوْ
[ ص: 54 ] بَيْضَاءُ ، وَإِذَا رَجُلٌ مَرْبُوعٌ ، فَقَالَ : تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ قُلْنَا : لَا ، قَالَ : هَذَا
دَاوُدُ ، ثُمَّ أَعَادَهُ ، وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً أَوْ خِرْقَةً سَوْدَاءَ ، فِيهَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ ، وَإِذَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى فَرَسٍ ، طَوِيلِ الرِّجْلَيْنِ ، قِصِيرِ الظَّهْرِ ، كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ جَنَاحٌ تَحُفُّهُ الرِّيحُ ، قَالَ : أَتَعْرِفُونَ هَذَا ؟ قُلْنَا : لَا ، قَالَ :
سُلَيْمَانُ ، ثُمَّ أَعَادَهُ ، وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ ، فِيهَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ ، وَإِذَا صُورَةُ شَابٍّ تَعْلُوهُ صُفْرَةٌ ، صَلْتُ الْجَبِينِ ، حَسَنُ اللِّحْيَةِ ، يُشْبِهُهُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ قَالَ : أَتَعْرِفُونَ هَذَا ؟ قُلْنَا : لَا ، قَالَ : هَذَا
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، ثُمَّ أَعَادَهُ ، وَأَمَرَ بِالرَّبْعَةِ ، فَرُفِعَتْ ، فَقُلْنَا : هَذِهِ صُورَةُ نَبِيِّنَا ، قَدْ عَرَفْنَاهَا ، فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَاهُ ، فَهَذِهِ الصُّوَرُ الَّتِي لَمْ نَرَهَا كَيْفَ نَعْرِفُهَا أَنَّهَا هِيَ ؟ فَقَالَ : إِنَّ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ صُورَةَ نَبِيٍّ نَبِيٍّ ، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ صُوَرَهُمْ فِي خِرَقِ الْحَرِيرِ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَأَصَابَهَا
ذُو الْقَرْنَيْنِ فِي خِزَانَةِ
آدَمَ فِي مَغْرِبِ الشَّمْسِ ، فَلَمَّا كَانَ دَانْيَالُ صَوَّرَهَا هَذِهِ الصُّوَرَ ، فَهِيَ بِأَعْيَانِهَا ، فَوَاللَّهِ لَوْ تَطِيبُ نَفْسِي فِي الْخُرُوجِ عَنْ مُلْكِي مَا بَالَيْتُ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا لِأَشَدِّكُمْ مَلَكَةً ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ تَطِيبَ نَفْسِي ، قَالَ : فَأَحْسَنَ جَائِزَتَنَا ، وَأَخْرَجَنَا .
وَفِي رِوَايَةِ
شُرَحْبِيلَ : فَفَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ ، إِذَا فِيهَا صُورَةُ رَجُلٍ كَأَنَّهُ صُورَةُ
آدَمَ ، سَبْطٍ ، رَبْعَةٍ ، كَأَنَّهُ غَضْبَانُ ، حَسَنُ الْوَجْهِ قَالَ : هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ قُلْنَا : لَا قَالَ : هَذَا
لُوطٌ ، ثُمَّ أَعَادَهُ
[ ص: 55 ] ، وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ فِيهَا صُورَةُ رَجُلٍ أَبْيَضَ مُشْرَبِ حُمْرَةٍ أَحْنَى خَفِيفِ الْعَارِضَيْنِ ، حَسَنِ الْوَجْهِ ، قَالَ : هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ قُلْنَا : لَا قَالَ : هَذَا
إِسْحَاقُ ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ فِيهَا صُورَةٌ تُشْبِهُ صُورَةَ
إِسْحَاقَ إِلَّا أَنَّ عَلَى شَفَتِهِ السُّفْلَى خَالًا ، قَالَ : تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ قُلْنَا : لَا ، قَالَ : هَذَا
يَعْقُوبُ ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ فِيهَا صُورَةُ رَجُلٍ أَبْيَضَ حَسَنِ الْوَجْهِ ، أَقْنَى الْأَنْفِ ، حَسَنِ الْقَامَةِ ، يَعْلُو وَجْهَهُ النُّورُ ، يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْخُشُوعُ ، يَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ ، فَقَالَ : هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ قُلْنَا : لَا قَالَ : هَذَا
إِسْمَاعِيلُ جَدُّ نَبِيِّكُمْ ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ فِيهَا صُورَةُ رَجُلٍ كَأَنَّهُ صُورَةُ
آدَمَ ، كَأَنَّ وَجْهَهُ الشَّمْسُ قَالَ : هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ قُلْنَا : لَا قَالَ :
يُوسُفُ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْقِصَّةَ إِلَى آخِرِهَا ، وَزَادَ : فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ حَدَّثْنَاهُ بِمَا رَأَيْنَا وَمَا قَالَ لَنَا وَمَا أَدْنَانَا ، فَبَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ ، وَقَالَ : مِسْكِينٌ ، لَوْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا لَفَعَلَ ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28978_30589_30588أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمُ الْيَهُودُ يَجِدُونَ بَعْثَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ .
قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ عِلْمُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ بِصِفَةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَبِاسْمِهِ ، وَبَبَعْثِهِ .
[ ص: 56 ]
وَانْتِفَاضِ الْغُرْفَةِ حِينَ أَهَلُّوا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يُوجَدُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَنْبِيَاءِ ، كَمَا يُوجَدُ أَمْثَالُهَا قَبْلَ بَعْثَتِهِمْ ، إِعْلَامًا ، وَإِيذَانًا بِقُرْبِ مَبْعَثِهِمْ وَمَجِيئِهِمْ ، وَلِهَذَا قَرَائِنُ وَنَظَائِرُ تُذْكَرُ فِي تَضَاعِيفِ الْأَبْوَابِ عَلَى مَا شَرَطْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
[ ص: 57 ]