[ 7390 ] وعن عبيد الله بن عياض بن عمرو القارئ : "أنه جاء فدخل على عبد الله بن شداد بن الهاد ونحن عندها جلوس مرجعه من عائشة العراق ليالي قتل فقالت له: يا علي بن أبي طالب، ابن شداد بن الهاد، هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ حدثني عن هؤلاء قال: وما لي لا أصدقك؟ قالت: فحدثني عن قصتهم. قال: فإن القوم الذين قتلهم علي. لما كاتب علي بن أبي طالب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس، فنزلوا بأرض يقال لها: حروراء من جانب الكوفة، وإنهم (عيبوا ) عليه فقالوا: انسلخت من قميص كساكه الله واسم سماك الله به، ثم انطلقت فحكمت في دين الله، فلا حكم إلا لله، فلما بلغ ما (عيبوا ) عليه وفارقوه عليه أمر مؤذنا فأذن: ألا يدخل [ ص: 19 ] على أمير المؤمنين إلا من حمل القرآن. فلما امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف إمام عظيم فوضعه بين يديه فطفق يصكه بيده، ويقول: أيها المصحف حدث الناس. فناداه الناس: يا أمير المؤمنين، ما تسأل عنه؟! إنما هو مداد في ورق، ونحن نتكلم بما رأيناه منه، فما تريد؟ قال: أصحابكم أولاء الذين خرجوا بيني وبينهم كتاب الله، يقول الله في كتابه في امرأة ورجل: ( عليا وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ) فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم حرمة أو ذمة من امرأة ورجل، ونقموا علي أني كاتبت معاوية كتبت: وقد جاءنا علي بن أبي طالب، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم. قال: لا تكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. قال: وكيف نكتب؟ قال سهيل: اكتب: باسمك اللهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاكتب سهيل بن عمرو محمد رسول الله. فقال: لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك. فكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله قريشا. يقول الله في كتابه: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ) فبعث إليهم فخرجت معه حتى إذا توسطنا عسكرهم قام ابن الكواء فخطب الناس فقال: يا حملة القرآن، هذا عبد الله بن عباس فمن لم يعرفه فليعرفه، فأنا أعرفه من كتاب الله (ما أعرفه ) هذا ممن نزل فيه وفي قومه: ( عبد الله بن عباس، قوم خصمون ) فردوه إلى صاحبه لا تواضعوه كتاب الله. قال: فقام خطباؤهم فقالوا: والله لنواضعنه الكتاب؛ فإن جاء بحق نعرفه لنتبعنه وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطل ولنردنه إلى صاحبه. فواضعوا الكتاب ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب فيهم ابن الكواء حتى أدخلهم على علي عبد الله بن عباس الكوفة، فبعث علي إلى بقيتهم، قال: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم، فقفوا حيث شئتم، بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دما حراما أو تقطعوا سبيلا أو تظلموا ذمة؛ فإنكم [ ص: 20 ] إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين. قال: فقالت له يا عائشة: ابن شداد، فقد قتلهم! قال: فوالله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدماء، واستحلوا الذمة. فقالت: آلله؟ قال: آلله الذي لا إله إلا هو لقد كان. قالت: فما شيء بلغني عن أهل العراق ويتحدثونه يقولون: ذا الثدية. مرتين؟ قال: قد رأيته وقمت مع علي عليه في القتلى، فدعا الناس، فقال: تعرفون هذا؟ فما أكثر من جاء يقولون: رأيته في مسجد بني فلان يصلي، ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إلا ذاك. قالت: فما قول علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق؟ قال: سمعته يقول: صدق الله ورسوله. قالت: فهل رأيته قال غير ذلك؟ قال: اللهم لا. قالت: أجل، صدق الله ورسوله، فذهب أهل العراق فيكذبون عليه ويزيدون عليه في الحديث ". يرحم الله عليا إنه كان من كلامه لا يرى شيئا يعجبه إلا قال: صدق الله ورسوله،
رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر . وأبو يعلى الموصلي