ذكر تأديب من ارتكب ما نهى الله عنه من البيوع المحرمة
7973 - حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر، عن سالم، عن الزهري، قال: ابن عمر رأيت الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضربون إذا اشترى الرجل الطعام جزافا أن يبيعه حتى ينقله إلى رحله .
قال أجمع أهل العلم على أن من اشترى طعاما فليس له أن يبيعه حتى يقبضه . [ ص: 147 ] أبو بكر:
وقد ذكرنا الأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذلك. وممن نحفظ هذا القول عنه: ومن تبعه من مالك بن أنس أهل المدينة. وبه قال ومن وافقه من الأوزاعي أهل الشام. وكذلك قال ومن وافقه من سفيان الثوري أهل الكوفة. وكذلك قال وأصحابه. وبه قال الشافعي أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وأصحاب الحديث، وأصحاب الرأي ليس بينهم في ذلك اختلاف . وأبو ثور،
واختلفوا في بيع غير الطعام. فقالت طائفة: لا دخل في ذلك عندهم المكيل والموزون من الطعام كله، والعروض، والحيوان، والدور، والأرضين، وسائر العقد وجعلوا حكم جميع ذلك حكم الطعام في أن لا يجوز بيعه قبل القبض. وهذا قول يجوز بيع شيء من الأشياء اشتراه المرء حتى يقبضه، وأصحابه. الشافعي ومحمد بن الحسن .
وقد ذكرنا عن قوله: وأحسب كل شيء مثله. وبه قال بعض أصحاب الحديث، واحتج بخبر: [ ص: 148 ] . ابن عباس
7974 - أخبرناه عن عبد الرزاق، [عمر] بن راشد، عن عن يحيى بن أبي كثير، عن يوسف بن ماهك، عبد الله بن عصمة، عن قال: حكيم بن حزام قلت يا رسول الله، إني أشتري بيوعا فما يحل لي منها، وما يحرم علي فقال: "يا ابن أخي إذا اشتريت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه" .
قال وقد روى هذا الحديث أبو بكر، عن أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعلى بن حكيم، . يوسف بن ماهك
وقالت فرقة: حكم كل سلعة مبيع حكم الطعام في أن لا يباع حتى يقبض، إلا الدور والأرضين، فإن بيع ذلك جائز قبل القبض. هذا قول النعمان، ويعقوب .
وقالت طائفة: كل مبيع ابتاعه رجل فلا بأس أن يبيعه قبل أن يقبضه، خلا الكيل والوزن. روينا هذا القول عن رضي الله عنه . [ ص: 149 ] عثمان بن عفان
7975 - حدثنا حدثنا موسى بن هارون، حدثنا محمد بن المنهال، حدثنا يزيد بن زريع، سعيد، عن عن قتادة، عبد ربه، عن أبي عياض، عن قال: عثمان بن عفان . كل بيع ابتاعه رجل فلا بأس أن يبيعه قبل أن يقبضه ما خلا الكيل والوزن
وهذا قول سعيد بن المسيب، والحسن البصري، والحكم، وحماد، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق .
وفيه قول رابع: وهو أن كل ما عدا المأكول والمشروب جائز أن يباع قبل أن يقبض. وذلك مثل الرقيق، والثياب، والعروض، وسائر السلع .
هذا قول وأبي ثور. وقال مالك بن أنس، ابن عون: قلت : أبيع البز قبل أن أقبضه؟ قال: لا أعلم به بأسا . لمحمد بن سيرين
قال ومن الحجة لهذا القول: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن بيع الطعام قبل أن يقبض كذلك قال أبو بكر: . وفيه دليل على أن غير الطعام ليس كالطعام، ولو لم يكن كذلك ما كان في قصده إلى النهي عن ابن عباس فائدة ولا معنى، لأن من قول من خالفنا أن ما نهي عن بيعه قبل أن يقبض وما لم ينه عنه سواء. ومعلوم أن السلعة المشتراة بعد الافتراق قبل القبض للمشتري، لأنهم قد أجمعوا على أن [ ص: 150 ] بيع الطعام قبل أن يقبض أن عتقه جائز، ولا يجوز عتق البائع لزوال ملك البائع عنه بالافتراق، وثبوت ملك المشتري عليه، ولا يجوز أن يمنع رجل من بيع ما يملك بغير حجة، إلا الطعام الذي خصه الرسول صلى الله عليه وسلم. ويدخل في الطعام الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعه قبل أن يقبض كل مكيل وموزون ومعدود ومشترى صبرة بعد أن يقع عليه اسم الطعام. فأما خبر المشتري إذا اشترى جارية فأعتقها في تلك الحال قبل أن يقبضها الذي احتج به بعض أهل الحديث، فالمشهور من أخبار حكيم والثابت أنه صلى الله عليه وسلم قال: حكيم بن حزام وهو موافق لسائر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اختلفوا في إسناد خبر "لا تبيعن طعاما حتى تشتريه وتستوفيه" الذي احتج به بعض أصحابنا، وكل بيع فجائز على ظاهر كتاب الله إلا بيع نهى الله عنه، أو نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم أو أجمع أهل العلم عليه - والله الموفق . حكيم بن حزام