ذكر الحكمين
قال الله - جل من قائل - : ( وإن خفتم شقاق بينهما ) .
قال بعض أهل العلم في قوله: ( وإن خفتم ) : أيقنتم. وفي قوله: ( شقاق بينهما ) روي عن أنه قال: مفاسد بينهما، وقال غيره: تباعد ما بينهما. ( ابن عباس فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ) الآية .
اختلف أهل العلم في . الإمام يبعث حكما من أهله وحكما من أهلها
فقالت طائفة: الأمر إلى الحكمين إن رأيا أن يجمعا جمعا، وإن رأيا أن يفرقا بينهما فرقا .
ثبت عن رضي الله عنه أنه أتاه رجل وامرأته مع كل واحد منهما فئام من الناس فأمرهم أن يبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ففعلوا، ثم دعا الحكمين فقال: هل تدريان ما عليكما، عليكما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله - جل وعز - لي وعلي، فقال الزوج: أما الفرقة فلا، فقال ابن أبي طالب علي: كذبت لعمر الله حتى ترضى بالذي رضيت به . [ ص: 342 ]
قال : بعثت أنا ومعاوية حكمين، فقيل لنا: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما . ابن عباس
وعن قال: الحكمان ما قضيا من شيء فهو جائز . ابن عباس
وكذلك قال الشعبي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وقال وسعيد بن جبير، : يجوز تفريق الحكمين على ما حكما فرقا، واحدة أو اثنتين أو ثلاثة . إبراهيم النخعي
وقال ما أحسن ما سمعت من أهل العلم أن الحكمين يجوز قولهما بين الرجل وامرأته في الفرقة والاجتماع، واحتج بحديث مالك: علي رضي الله عنه، وهو قول عبد الملك وغيره من أصحاب . مالك
وقال : حكم النشوز عليهما جائز، أجازه الأوزاعي وهو قول علي بن أبي طالب، . إسحاق بن راهويه
قال وبهذا القول نقول، وذلك لظاهر قوله: ( أبو بكر: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا ) الآية فالمخاطبون بهذه الحكام، وإذا كان ذلك إليهم ففيه دليل على أن التفريق إليهم، إذ لو لم يكن كذلك ما كان للبعثة معنى، وخبر عثمان وعلي رضي الله عنهما دليل على صحة هذا القول، ثم هو قول وهو من علم القرآن بالموضوع الذي لا يدفع عنه وهو قول أكثر أهل العلم. والله أعلم . [ ص: 343 ] ابن عباس،
وفيه قول ثان: وهو أن الحكمين لا يفرقان إلا أن يجعل ذلك الزوجان بأيديهما. كذلك قال عطاء .
وقال الحسن: إنما بعثا ليشهدا على الظالم بظلمه. وقال : لا يفرقان إلا بأمر الزوج . [ ص: 344 ] الشافعي
[ ص: 345 ]