الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس عليك ذنب إذا أقنعت أباك بالصلاة في البيت وعدم الخروج إلى المسجد، بل إن ذلك واجب عليك، إذا خشيت أن ينجس المسجد.
فإن أبى إلا الخروج إلى المسجد، فلا تتركه يدخله، وأقنعه أن يصلي خارجه.
فإن أبى إلا دخول المسجد وأمكن، فألبسوه حفاظة واقية، لا يتسرب منها شيء.
فإن لم يمكن ذلك، فلا تتركه يدخله، وحاول إقناعه بأية حالٍ، وبيّن له الحكم الشرعي في ذلك، وأنه يأثم بدخوله المسجد في تلك الحالة.
وننبهكم جميعًا إلى أن الوالدين حقهما عظيم عند الله تعالى، ويكفي أنه سبحانه وتعالى قرن حقهما بحقه في آيات كثيرة من كتابه، ووصى بهما وصاية خاصة عند كبرهما؛ لأن الكثير من الناس يزهد فيهما في تلك المرحلة، ويستخف بحقهما، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا [الإسراء:23].
فعليكم بالرفق بأبيكم غاية الرفق، والإحسان إليه غاية الإحسان؛ طاعة لربكم، وأداءً لما أوجب عليكم، ومكافأة لأبيكم؛ فإنه كان يحسن إليكم، ويرفق بكم وأنتم ضعفاء عجزة.
والله أعلم.