الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما كان لكما أن تشركا غيركما فيما حصل بينكما من خلاف؛ لأن المشاكل الزوجية يسهل حلها وتجاوزها ما لم تتدخل أطراف أخرى كأهل الزوجة أو الزوج، إلا إذا استحكم الخلاف، واستنفذت وسائل العلاج، وخيف من الشقاق، حينئذ يلجأ إلى الأهل وذوي الرأي، وهي مسألة التحكيم الواردة في قوله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}، وبناء عليه فالذي نراه وننصحكما به أن تتجاوزا هذه الخلافات، وتعلما أنه ما من بيت إلا وتحصل فيه، لكنها سرعان ما تتلاشى وتزول إذا عولجت بحكمة ، ولم يترك للشيطان فيها مجال للإغراء والإغواء، فإنه لا يفرح بشيء كفرحه حين يفرق بين زوجين، كما في صحيح مسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئاً، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه ويقول: نعم أنت فيلتزمه. فاستعيذا بالله من نزغاته، وليسامح كل منكما الآخر على التقصير والخطأ، وليسع كل منكما في ترضية أهل الطرف الثاني لتستقيم لكما حياتكما دون منغص أو مكدر. وأما امتناع زوجك من الإنجاب فلا يجوز له ذلك دون إذنك ورضاك، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 1803، والفتوى رقم: 31369.
وخلاصة القول أننا ننصحك بالحرص على زوجك ما دام يعاملك معاملة حسنة كما ذكرت، وأما هذه المشكلة فهي سهلة، ويمكن تجاوزها، ويمكن ذلك بالتغاضي عما يمكن التغاضي عنه من هفوات الزوج وزلاته وهو كذلك معك، وكذا المسامحة فيما كان، ومعرفة كل منكما لحقوق الطرف الثاني وأداؤها إليه، وإن كان لا بد من إشراك الأهل فلا عناد في ذلك، وليسع كل منكما لإقناع أهله ليكون البادئ بالصلح، فخير الطرفين الذي يسعى للصلح ويبدأ به. وقد فصلنا القول في كيفية حل مشاكل الزوجين، وما ينبغي في ذلك، ومتى يلجأ إلى الطلاق في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2589، 49841، 4180، 53593.
والله أعلم.