الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن لكل مسلم الحق أن يدخل أي بلد من بلاد المسلمين، ويعيش فيه، ويمارس فيه ما يحب أن يمارس من أعمالٍ مباحة، وله ما لسكان ذلك البلد الأصليين، وعليه ما عليهم، إلا إذا اقتضت المصلحة، والسياسة الشرعية أن يقيم كل أهل بلد في بلدهم ليعمروه، ويدافعوا عنه من يصول عليه، أو كانت هجرتهم بكثرة إلى بلد معين ستشكل عبئاً فادحاً على سكانه الأصليين، أو تسبب فوضى لا تمكن السيطرة على آثارها، ففي هذه الحالة على ولي أمر المسلمين أن يعمل بما تقتضيه المصلحة، والسياسة الشرعية من ضبط الأمور.
ومن جملة ذلك أن لا يسمح لأحد بدخول البلد في هذه الحالة إلا إذا كان البلد بحاجة إليه، أو كان القادم بحاجة إلى ذلك البلد، وكان واجداً عملاً فيه يعيش به، ويدبر من خلاله أموره، ويقضي منه حوائجه اللازمة، بحيث لا يكون عبئاً على الآخرين.
ولا حرج في هذه الحالة أن يشترط أن يكون لذلك القادم كفيل من سكان البلد الأصليين لتحقيق مثل هذه المصالح المتقدمة، ولضبط الأمور، ومنع الفوضى.
ولا حرج كذلك أن يقول المرء هذا كفيلي، وكفيل فلان.
ولابد أن ننبه إلى أن نظام الكفالة المعمول به في بعض الدول الإسلامية يشتمل على كثير من الحيف، وهضم حق المكفول إضافة إلى ما يمارسه بعض الكفلاء زيادة على ذلك من الظلم والتعسف، ومطل حقوق المكفولين، إلا من رحم الله تعالى.
فلذلك يجب على الكفلاء أن يحذروا ويتقوا الله تعالى، ويعلموا أنه لا سلطان لهم على هؤلاء الناس، إلا بقدر ما تتحقق به المصلحة المشتركة، والعدل والاستقرار.
وأما المال الذي يأخذه الكفيل، فإن كان مقابل أتعاب وجهود يبذلها، فلا حرج في ذلك بضوابط، وإن كان لغير ذلك، فلا يجوز.
وراجع الفتويين التاليتين: 6632، 6633.
والله أعلم.