الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته من أنك قمت به من إيواء لإخوتك واحتضانهم، وتصييرهم موظفين من بينهم مدير المبيعات، ومدير الحسابات، ومدير المصنع... وما قمت به بعد من مساعدتهم في أمور الزواج والبناء وغير ذلك مما فصلته ووضحته... يعتبر إحسانا منك عليهم، وبراً بوالدك، وخيراً كثيراً تفضلت به عليهم، ونسأل الله أن يجعل لك به من الخير والمثوبة عنده ما لا يستطيعه أحد سواه.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن المبلغ الذي قد أرسله إليك الوالد، والذي قلت إنه في حدود عشرة آلاف دينار، لا يمكن أن يخرج عن واحد من ثلاثة احتمالات هي:
* أن يكون قرضاً أقرضه لك أبوك.
* أو أن يكون قد أراد به الاشتراك به معك فيما تقوم به من الشراكة.
* أو أن يكون هبة منه لك (وهذا الاحتمال مستبعد).
فإن كان الأول، فمن حقه أن يسترجعه منك ولو خسرت الشركة، لأنه قد ترتب في ذمتك بمجرد إرساله إليك بطلب منك، وإن كان الثاني وقد ذكرت أن الشركة لم يكتب لها النجاح وخسرت، فإنه قد خسره بخسارة الشركة، ولا يمكن الجمع له بين المشاركة في الشركة وبين ضمان رأس المال، ما لم يكن قد حصل تعد منك أو تفريط، فعُلم من هذا أن أسوأ الاحتمالات بالنسبة لك هو أن ترجع المبلغ إلى الوالد، وأما أن تكون الشركة مالاً مشاعاً بينك وبين جميع إخوتك، فإن معطيات السؤال لا تقبله بوجه من الوجوه.
ويبقى هنا أن نشير إلى مسألة أخرى هي ما إذا كان من حقك أن تُعادَّ إخوتك بما أنفقته عليهم من المال الذي قلت إنه فاق ما أعطاك إياه والدك أضعافاً، وبالتالي لا يكون عليك أن ترجع العشرة آلاف على جميع الاحتمالات، والجواب عن هذا أن قولك: إن الإنفاق عليهم كان من باب حبك العطاء وليس غير ذلك، يفيد أنك لم تنفق هذا المال لتعاد به، وبالتالي فليس من حقك المعاددة به.
وعلى أية حال، فإنه قد تبين من جميع ما ذكرناه أنك مظلوم فيما أراده منك أبوك وإخوتك، وأنهم -فطعاً- ليسوا شركاء في أموالك، ولكننا ننصحك بالسعي في حل المشكلة عن طريق المصالحة، وأن تبذل كل ما في وسعك من إرضاء أبيك، ومن اللطف بإخوتك وحسن التعامل معهم، وإذا عرفت أن هذا لن يكون حلاً للمشكلة وأن الموضوع قد يتفاقم وتترتب عليه العدواة والبغضاء في المستقبل، فالصواب أن تلجأ حينئذ إلى أي أمر يمكن من القضاء على النزاع، سواء كان ذلك بإشراك أهل الفضل في حله، أو باللجوء إلى المحكمة الشرعية لفضه وتمكين كل ذي حق من حقه.
والله أعلم.