الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت تسأل عما إذا كان يجوز لك أن تخالف ما اشترط عليك أهل المال أن تضارب فيه من أنواع التجارة، فالجواب أن ذلك لا يجوز، وإذا فعلته وحصل تلف أو خسارة في المال كنت ضامنا لما تلف أو خسر. قال ابن قدامة في المغني: والشروط في المضاربة تنقسم قسمين: صحيح وفاسد، فالصحيح مثل أن يشترط على العامل أن لا يسافر بالمال أو أن يسافر به أو لا يتجر إلا في بلد بعينه أو نوع بعينه...
وفي مختصر الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى- يذكر ما يصح اشتراطه في المضاربة قال: ... واشتراطه أن لا ينزل واديا أو يمشي بليل أو ببحر أو يبتاع سلعة وضمن إن خالف...
قال الخرشي شارحا: أي وضمن العامل المال إن خالف واحدا مما ذكر أي وحصل التلف بسبب المخالفة، وأما لو خاطر وسلم ثم تلف المال بعد ذلك فلا ضمان عليه. اهـ.
وإن كنت تعني أن أصحاب المال أعطوك أموالهم لتضارب فيها، فعملت بها في نوع معين من المضاربة، وكان لك نوع آخر تضارب فيه، ثم أردت أن تعطيهم نسبة من ربح النوع الآخر بدل ربح مالهم، فالجواب عن هذا أنه إذا كان القدر الذي تعطيهم من الربح أقل مما يستحقون أو جهل حاله، فلا يخفى أن ذلك لا يجوز لما فيه من أكل أموالهم بغير حق في الأول، وللغرر في الثاني. وإن كان الذي تعطيهم أكثر مما هو لهم، فإن كنت ستخبرهم بذلك كان ذلك غير مباح أيضا عند كثير من أهل العلم؛ لأنه هدية لرب القراض يراد منها في الغالب إبقاء المال عند العامل. وقد قال فيها الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى-: وحرم هديته إن لم يتقدم مثلها أو يحدث موجب، كرب القراض وعامله ولو بعد شغل المال على الأرجح.
وإن كنت لا تخبرهم بذلك كانت صدقة عليهم، ولا يبعد في هذه الحالة أن تكون مستحبة؛ لأنه ليس لك فيها نفع غير ما يرجى من الثواب في الآخرة.
والله أعلم.