الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أنه ينبغي أن يكون الداعية إلى الله تعالى حسن المظهر طيب الريح، وذلك لأمرين:
الأول: أن هذا أدعى لقبول دعوته والاستجابة لها.
الثاني: أن هذا كان حال إمام الدعاة وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب الناس ريحا وأبهاهم منظرا. قال أنس رضي الله عنه: ما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كف النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شممت ريحا قط أطيب من ريح النبي صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري. وأمر بتهذيب الشعر فقال: من كان له شعر فليكرمه. رواه أبو داود. ورأى رجلا دخل المسجد ثائر شعر الرأس واللحية فأشار إليه بيده الشريفة أن اخرج أي لإصلاح الشعر، ففعل الرجل ثم رجع، فقال صلى الله عليه وسلم: هذا خير من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان.
وأمر صلى الله عليه وسلم بلبس البيض من الثياب، وكانت أحب الثياب إليه وقال: البسوا الثياب البيض فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم. رواه أحمد.
وهذا كله يؤكد اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعتنى المسلمون عموما بالمظهر الخارجي، ولكن ينبغي أن يكون ذلك من غير إسراف أيضا حتى يصير اهتمامه الأكبر وهمه الأعظم الأناقة وحسن المظهر، وصدق من قال:
كن في أمورك كلها متوسطا * عدلا بلا نقص ولا رجحان
والدعاة إلى الله أولى الناس بامتثال واتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في هديه الظاهر وحسن المظهر، ومع هذا فإذا لم يكن باستطاعة الداعية فعل ذلك، فلا ينبغي له أن يكتم علمه ويتوقف عن الدعوة إلى الله، بل يجب عليه أن يدعو إلى الله تعالى بعلم وبصيرة، وكم من داعية يعتبره كثير من الناس ليس أنيقا ولكنه أسر قلوبهم بعلمه ودعوته وحسن أخلاقه ومواعظه.
والله أعلم.