الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالوضوء شعيرة من شعائر الإسلام، وخصلة من خصال الخير، وواحد من الأحكام التي ورد بها الشرع، وأعلى من شأنها، ومما ورد في فضل الوضوء ما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء. وروى مسلم عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذالكم الرباط.
فإذا كان الوضوء بهذه المنزلة والفضل فكيف يجرؤ مسلم على سبه، ومن سبه قاصداً الشعيرة نفسها فإن فعل ذلك فإنه يكفر، قال العلامة عليش -وهو من علماء المالكية-: يقع كثيرا من بعض سفلة العوام كالحمارة والجمالة والخدامين سب الملة أو الدين، وربما وقع من غيرهم، وذلك أنه إن قصد الشريعة المطهرة، والأحكام التي شرعها الله تعالى لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فهو كافر قطعاً. انتهى.
فعلى هذا الساب أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، وأن يكثر من عمل الصالحات، عسى ربه أن يكفر عنه سيئاته، وأما إن قصد أمراً آخر لا علاقة له بسب الشعيرة نفسها فلا يكفر، ولكن ربما تكون في عثرات اللسان كثير من المهالك، ومن هنا ننبه إلى خطورة اللسان، وأن الواجب على المسلم أن يحفظ لسانه، ونرجو أن تراجع الفتوى رقم: 57865، وكذلك يجب على المسلم أن يحرص على ضبط النفس عند الغضب. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 58964.
والله أعلم.