الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الزوج قد خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، فهو يصلي ويصوم، ولكن عنده أربعة أمور كما تقول الزوجة:
أولاً: التدخين: ومعلوم أن التدخين محرم، لما يترتب عليه من المضار المهلكة، وقد ثبت بشهادة الأطباء المختصين أن التدخين يدخل ضمن مسببات أمراض القلب، والجلطة الدماغية، وانتفاخ الرئة، والتهاب القصبة الهوائية، وضعف الإبصار، وتسوس الأسنان، والضعف الجنسي... فضلاً عن رائحته الخبيثة الكريهة.
ثانياً: كثرة الكلام: وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي. رواه الترمذي. وقال عليه الصلاة والسلام: إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني يوم القيامة: الثرثارون، والمتشدقون والمتفيهقون. رواه الترمذي وحسنه. والثرثار هو: من يكثر الكلام تكلفاً. والمتشدق هو: المتطاول على الناس بكلامه، ويتكلم بملء فيه تفاصحاً وتعظيماً لكلامه. ومن هنا نعلم أن الثرثرة مذمومة، وتعد من سوء الخلق.
ثالثاً: التسرع في الحديث عن الناس، وهذا أمر خطير، لأن الخوض في أعراض المسلمين بلا مسوغ لا يجوز، وربما أدى التسرع إلى الوقوع في الغيبة والنميمة والظلم والعدوان، وحرمة الغيبة والنميمة معلومة.
رابعاً: التهاون بشأن الصلاة في المسجد أحياناً.
ولا شك أن هناك أعذاراً شرعية تبيح التخلف عن صلاة الجماعة كالمرض، والمطر... إلخ، لكن المشكلة في التخلف بدون عذر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص للأعمى في ترك الجماعة، بل قال له: أتسمع النداء؟ قال: نعم. قال: فأجب، لا أجد لك رخصة. رواه مسلم.
وقد استدل كثير من العلماء بهذا الحديث وغيره على وجوب صلاة الجماعة، وبناء على ما تقدم فإننا نقول لهذه الزوجة: إذا كان هذا الزوج يقبل النصيحة، وعنده استعداد للتخلي عن الأمور الأربعة، أو بعضها بداية، فامنحيه فرصة وساعديه على ذلك، وإن وجدت منه إصراراً على التمادي على ما هو عليه، فلك أن تسعي في الحصول على الطلاق منه قبل أن يدخل بك، ويكون لك منه أبناء، لأن معاشرة هذا النوع من الناس ضرر، ومخالطته سم، ولا إثم عليك في طلب الطلاق مادام الدافع إلى ذلك هو ما ذكر.
أما قولك بأن الشيطان يوسوس لك بالسعي في الانفصال عن هذا الزوج من أجل التدخين.. إلخ، فهذا كلام قد لا يكون صحيحاً إذا استنفدت الوسائل المتقدمة، لأن الشيطان يحب المنكرات والمعاصي، ولا ينصحك بذلك، ولكن ما عندك من الفطرة السليمة والطاعة هو الذي يدفعك إلى إنكار ذلك.
وأما قولك أيضاً: هذا ابتلاء من الله، نعم هو ابتلاء من الله، حيث كان الواجب السؤال عن الزوج قبل الزواج، وقبوله على أساس الدين والخلق، وعدم التهاون بذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي.
فإذا وجد خلل في دين المتقدم للزواج أو خلقه، فلا يزوج، وكان الواجب عدم قبول الزوج، لأنه يدخن، فكيف إذا كان يدخن وعنده مخالفات أخرى.
وأما قولك: ولعله يتغير في المستقبل، فكما أسلفنا إذا وجدت منه الجدية فعلاً والصدق والرغبة في التغيير، فامنحيه الفرصة.
وعليك بذكر الله، والالتجاء إليه بالدعاء أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، ولا تقدمي على أمر من الأمور إلا بعد الاستخارة والاستشارة، لأنه لا خاب من استخار، ولا ندم من استشار، كما نوصيك بطاعة الله والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وكل ما يقربك من الله، وأبشري بالفرج القريب من الله، فهو القائل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق: 2-3].
والله أعلم.