الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالظاهر من السؤال أن الأخت السائلة ورثت عن أبيها مبلغاً من المال مودعاً في البنك الربوي بالإضافة إلى اشتراكها مع أمها وأختيها في معاش والدها، وأن أختها الكبرى قامت برعايتهما... إلخ، وعليه؛ فبالنسبة للمبلغ الذي كان مودعاً في البنك الربوي فإن الإثم في إيداعه على من أودعه ومن أقره بعد ذلك وقدر على سحبه فلم يفعل، سواء كانت الأخت السائلة أو غيرها، وعلى من ابتلي بذلك التوبة إلى الله عز وجل.
وبالنسبة لفوائد هذه الوديعة فإنها مال حرام يجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين العامة أو إنفاقه على الفقراء والمساكين، وإذا كانت أختك الكبرى محتاجة فقيرة فهي تستحق هذه الفوائد ولا تطالب بإخراجها، أما إن كانت غير ذلك فتطالب بإخراج قدر ذلك المال على الفقراء والمساكين.
وأما عن أصل المبلغ الذي أخذته من أختها الصغرى والوسطى فهو دين في ذمتها يجب رده إليهما، وبخصوص ما أنفقت عليهما من نفقات مختلفة وهل لها أن تخصم قدر ذلك مما عندها، فهذا أمر ينظر فيه.. فإن كانت أنفقت تبرعاً وهبة فلا يجوز لها الرجوع به على مالهما ويلزمها سداد الدين الذي لهما عليها، جاء في كتاب التاج والإكليل من كتب المالكية: ... وإن كان لليتيم أو له مال فللمنفق عليهما (اليتيم وأبيه) الرجوع عليهما من أموالهما بعد يمينه أنه إنما أنفق عليهما ليرجع في أموالهما لا على وجه الحسبة. انتهى.
وإن كانت أنفقت عليهما بنية الرجوع على مالهما فلها أن تخصم قدر ذلك من الدين الذي عليها وترد ما بقي... وفي حال قدرتها على رد الدين فلم تفعل فإنها تأثم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. رواه البخاري ومسلم.
وأما هل الأخت السائلة مذنبة في حق أختها الوسطى لأنها كانت السبب في قيامها بإقراض الكبرى؟ فنقول: إنه لا يلحقها ذنب ما لم تكن غررت أو دلست على أختها الوسطى، كما لا يلزمها شيء إلا أن تكون ضمنت سداد الدين عن أختها الكبرى، فإذا كانت ضمنت سداد الدين في حال العجز أو المطل أو كانت غررت أو دلست فيلزمها سداده، للحديث: الزعيم غارم. رواه أبو داود، والزعيم هو الضامن.
والله أعلم.