الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن شروط صحة الاعتكاف أن يكون في مسجد ولو غير جامع، سواء كان المعتكف رجلاً أو امرأة، وقيل يصح للمرأة أن تعتكف في مصلى بيتها وكذا الرجل، والصواب أنه لا يصح، قال الله تعالى: وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ {البقرة:187}، فبين أن محل الاعتكاف هو المسجد، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: لا يصح الاعتكاف من الرجل ولا من المرأة إلا في المسجد، ولا يصح في مسجد بيت المرأة ولا مسجد بيت الرجل، وهو المعتزل المهيأ للصلاة، هذا هو المذهب، وبه قطع المصنف والجمهور من العراقيين.
وحكى الخراسانيون وبعض العراقيين فيه قولين: (أصحهما) وهو الجديد هذا، (والثاني) وهو القديم: يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وقد أنكر القاضي أبو الطيب في تعليقه وجماعة هذا القول، قالوا: ولا يصح في مسجد بيتها قولاً واحداً، وغلَّطوا من نقل فيه قولين، وحكى جماعات من الخراسانيين أنا إذا قلنا بالقديم إنه يصح اعتكافها في مسجد بيتها ففي صحة اعتكاف الرجل في مسجد بيته وجهان: (أصحهما) لا يصح. انتهى.
وأما غلق المسجد في غير أوقات الصلاة فالأصل عدمه إلا إذا كان في غلقه مصلحة معتبرة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 63687.
وأما اعتزال الأهل في وقت معين للخلوة بالنفس ومحاسبتها أو للقراءة وطلب العلم وذكر الله ونحو ذلك فلا مانع منه، وكذا لو ترتب على مخالطتهم ضرر أو منكر ولم يكن حضورك سبباً في إزالته وتغييره، فإنه يجوز بل قد يجب.
والله أعلم.