الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنك أخطأت بقولك إنك صرفت قسما من هذه الأموال في سبيل الله، وصرف مال الغير في غير ما أراده المالك يصيره في حكم المسروق أو المغصوب، والله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، ثم إن خطأك الآخر هو فيما ذكرت أنك بدأت تسحب المال من شركائك ومن غيرهم بحجة أن هناك أعمالاً جديدة وستسدد لهم ولغيرهم رؤوس أموالهم ومعها الأرباح، فهذه مغالطة ما كان يجوز لك أن ترتكبها، ومن خطئك أيضاً أنك لم تُعلم شركاءك بحقيقة ما صارت إليه أموالهم، فلو أنك أخبرتهم بكل ذلك في الوقت المناسب لكان ذلك شافعاً لك عندهم.
أما الآن فواجبك أن تتوب إلى الله مما فعلته، ومن تمام توبتك أن ترد الأموال إلى الجهات التي أخذت منها متى قدرت على ذلك، أو أن تستحلهم منها، والذي يلزمك قضاؤه هو ما ذكرت أنك صرفته في سبيل الله، أو ما أخذته بعد حصول خسارة المال، أما ما أصيب منه قبل ذلك بلا سبب أو تفريط منك، فليس عليك أن تقضيه، لأنك لست ضامناً له.
ونريد أن نذكرك هنا بحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن مكاتباً جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير ديناً أداه الله عنك؟ قال: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب.
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: اللهم اقض عني الدين، وأغنني من الفقر. فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يغنيك بفضله عمن سواه وأن يكفيك بحلاله عن حرامه، وأن يعينك على قضاء ديونك.
والله أعلم.