الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المعلوم أن أبا بكر رضي الله عنه هو أول من جمع المصحف الشريف لما كثر القتل في الحفظة من الصحابة رضوان الله عليهم أيام حروب الردة، ووافقه الصحابة جميعا على ذلك، فقد قال علي رضي الله عنه : أعظم الناس أجرا في المصحف أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر وهو أول من جمع كتاب الله . رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف بسند حسنه الحافظ في الفتح . ولما توفي أبو بكر رضي الله عنه بقي المصحف عند عمر رضي الله عنه لكونه الخليفة بعد أبي بكر رضي الله عنه، ولما توفي عمر رضي الله عنه أوصى بأن يجعل المصحف عند حفصة رضي الله عنها لأن عمر لم يستخلف بعده وجعل الأمر شورى كما هو معلوم، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : وإنما كان ذلك عند حفصة رضي الله عنها لأنها كانت وصية عمر، فاستمر ما كان عنده عندها . اهـ .
ولا شك أن حفصة رضي الله عنها وعن أبيها أهل لأن يكون المصحف عندها، فهي التي قال فيها جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم : فإنها صوامة قوامة، وهي زوجتك في الجنة . رواه الحاكم والطبراني وصححه الألباني . وانظري الفتوى رقم : 39914 ، ثم لما اختلف أهل العراق في المصحف في عهد عثمان طلب عثمان رضي الله عنه المصحف من حفصة ونسخ منه عدة نسخ ووزعها على الأمصار وجمع الناس على ذلك المصحف ووافقه على هذا الفعل كل الصحابة، فقد روى ابن أبي داود في كتاب المصاحف بإسناد صحيح ـ قاله الحافظ في الفتح- عن علي رضي الله عنه قال : لا تقولوا في عثمان إلا خيرا ، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا ..... قلنا فنعم ما رأيت . فهذا إقرار من علي لعثمان وللمصحف الذي نسخه من عند حفصة .
والله أعلم .