الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يجب على الزوج لزوجته أن يحسن معاشرتها ويعاملها بالمعروف وينبغي له أن يعمل كل ما في وسعه من أجل تأليف قلبها لما في ذلك من دواعي بقاء الزوجية بينهما، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً {النساء:19}.
فعلى هذا الزوج أن يتقي الله تعالى ويترك ما هو عليه من الأذى لزوجته، وليعلم ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من حسن لطفه ومعاشرته لأهله وحثه على ذلك في كثير من الأحاديث الصحيحة فيقتدي به ويمتثل أمره فقد قال صلى الله عليه وسلم: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم. حديث صحيح رواه الإمام أحمد في المسند.
وكان صلى الله عليه وسلم يتلطف مع نسائه، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم سابقته فسبقني، فقال: هذه بتلك. رواه أحمد وأبو داود .
وسأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت. رواه الإمام أحمد والنسائي.
وقال صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خُلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج. متفق عليه.
هذا بيان الشارع وتوجيهه كما بينا في الفتوى رقم: 54442 ، وإذا استمر زوجك على سوء العشرة يسبك ويضربك ظلما وعدوانا، ومنعك من حقوقك الواجبة لك من نفقة وغيرها، فيجوز لك أن تسأليه الطلاق، ولك أن ترفعي أمرك إلى المحاكم الشرعية لتخلصك منه وتفرض عليه ما يجب لك من حقوق . ولك الخروج من بيته دون إذنه والحالة هذه ريثما يفصل بينكما، ففي الموسوعة الفقهية : يرى جمهور الفقهاء أنه يجوز للمرأة أن تخرج من بيت الزوجية بلا إذن الزوج إن ضربها ضربا مبرحا ...اهـ ويقول خليل المالكي في مختصره: وَلَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ .اهـ فلك إذن رفع أمرك إلى المحاكم لتفصل بينك وبينه وترفع عنك الضرر الحاصل منه عليك، ولك أن تفتدي منه فتخالعيه، ولاحرج عليك إن شاء الله تعالى في البقاء خارج بيته مع أبنائك إن كان حاله كما ذكرت من عدم النفقة وسوء العشرة، ففي حاشية المحلي على المنهاج أن حق الزوج على زوجته في الحبس في البيت إنما هو مقابل النفقة، وهذا نص الحاشية قال: ولَهُ عَلَيْهَا حَقَّ الْحَبْسِ فِي مُقَابِلَةِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ . وكذا ذكره الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى وكذا في تحفة المحتاج . ولكن ننصحك أيتها السائلة الكريمة بتعجيل رفع الأمر إلى المحكمة أو من ينوبها في مثل ذلك .
والله أعلم .