الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من لا يؤمن بالله تعالى كافر، فلا يغتر بأعماله وأخلاقه، وقد دل الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم على أن ما عمله الكافر من خير لا يقبل منه ولا يثاب عليه، قال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ {الزمر: 65 }، وقال تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة: 217 }، وقال تعالى : وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {المائدة:5 }، وقال تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا {الفرقان: 23 }، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وأخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه؟ قال: لا ينفعه، إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين .
فالإسلام شرط لقبول العمل الصالح والإثابة عليه في الدار الآخرة، قال تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ {التوبة: 54 } .
ولا يجوز للمسلمة أن تتزوج من كافر لقوله تعالى: وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ {البقرة: 221 } وقوله: لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {الممتحنة: 10 } وقوله: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا {النساء: 141 } وهذا محل إجماع بين أهل العلم .
ولك أن تسعي في هداية هذا الرجل بشتى السبل الشرعية وإكثار الدعاء له، واعلمي أنه أجنبي عنك لا تجوز الخلوة معه، ولكنه يمكنك إعارته الأشرطة المؤثرة والرسائل والنشرات المفيدة وإخبار من يمكنه التأثير عليه من عالم أو خطيب مسجد أو صديق ناصح ليساعد كل منهم في هداه حسب استطاعته، فيحاوروه ويجادلوه بالتي هي أحسن لعل الله يهديه بهم .
فالمرأة لها حدود يجب أن لا تتجاوزها بحجة الدعوة أو حسن النية، فلا بد من الحرص على حجابها والتزام الشرع في خطابها وكلامها، ولابأس بدعوتها رجلا للدخول في الإسلام مع الالتزام بالضوابط الشرعية خصوصا إذا خطبها، لما أخرجه النسائي عن أنس رضي الله عنه أن أبا طلحة خطب أم سليم فقالت: ما مثلك يرد، ولكن لا يحل لي أن أتزوجك يا أبا طلحة وأنت كافر، فإن تسلم فذلك مهري ولا أسألك غيره فتزوجها، قال ثابت: فما سمعنا بمهر قط كان أكرم من مهر أم سليم الإسلام ، وعليك بصرف ذهنك عن التعلق بهذا الرجل والاهتمام بالزواج به ما لم يسلم، فإن الرجال سواه كثير، وأكثري من الدعاء وواظبي على صلاة أربع ركعات أول النهار، وعلى تكرار حسبي الله لا إله إلا هو سبع مرات عند المساء والصباح، ففي الحديث القدسي: يا ابن آدم : صل أربع ركعات أول النهار أكفك آخره . رواه أحمد وابن حبان والطبراني ، وقال المنذري والهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح ، وفي الحديث : من قال حين يصبح وحين يمسي: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة . رواه ابن السني وصححه الأرناؤوط ، وعليك بالمحافظة على الحجاب الشرعي والعفة والبعد عن الاختلاط فإن التعفف سبب لتحقيق العفاف لقوله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور: 33 } ولقوله صلى الله عليه وسلم: ومن يستعفف يعفه الله . رواه البخاري من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه، وبإمكان أبيك أو ولي أمرك أن يعرضك على أحد الشباب المستقيمين إن تيسر ويزوجك به، ولا يمنعك من ذلك كونه فقيرا فعسى أن يغنيه الله بسبب الزواج، قال الله تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور: 32 } وقال صلى الله عليه وسلم: من أعطى لله ومنع لله وأحب لله وأبغض لله وأنكح لله فقد استكمل إيمانه . رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ، ورواه أحمد والترمذي وحسنه الأرناؤوط والألباني .
وعليك بالحرص على تخفيف المهر فهو من يمن المرأة كما في الحديث: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها . رواه أحمد من حديث عائشة .
وراجعي في أسباب استجابة الدعاء، وفي عرض الرجل بنته على أهل الصلاح، وفي علاج العشق الفتاوى التالية أرقامها: 1390 ، 2150 ، 2395 ، 23599 ، 13770 ، 7087 ، 9360 .
والله أعلم .