الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المعاملة المذكورة داخلة في ما يعرف -عند كثير من أهل العلم- بشركة العنان، وهي شركة يلتزم فيها كل شريك بأن يقدم حصة معينة لتكوين رأس مال من أجل التجارة على أن يكون الربح بينهم على حسب حصصهم أو على حسب اتفاقهم، ولا يشترط في هذه الشركة تساوي الحصص في رأس المال ولا في الربح ولا في العمل، جاء في نصب الراية: ويصح التفاضل في المال... ويصح أن يتساويا في المال ويتفاضلا في الربح. انتهى.
كما أن الوضيعة أي الخسران إما بتلف أو بيع بنقصان عما اشتري به على قدر الملك فيما يشتريان به، فمن له الثلثان فعليه ثلثا الوضيعة، ومن له الثلث عليه ثلثها وهكذا، جاء في المصدر السابق: والوضيعة على قدر المالين. انتهى.
هذا.. ويد الشريكين في مال هذه الشركة يد أمانة، وتصرف كلٍ منهما فيه جائز على الوجه المعتاد في مثل هذه الشركات.
وأما مسألة قيام الشريك ببيع السيارة التي هي مال الشركة الآن، فإذا كان المقصود بالبيع هنا هو فسخ الشركة من قبل هذا الشريك فإن الشركة عقد جائز غير لازم، وبالتالي يجوز للشريك أن يفسخها، لكن أن يكون تصرف من يريد الفسخ في نصيبه فقط من الشركة، وإذا تصرف في مال شريكه بعد إعلامه بالفسخ بدون إذنه ضمنه.
أما إن كانت الشركة مستمرة فلكل من الشريكين الحق في التصرف في مال الشركة على الوجه المعتاد، والذي لا يضر بمصلحة الشركة، أما ما هو خارج عن أمور التجارة أو من شأنه أن يضر الشركة فلا بد من أن يأذن الشريك لشريكه في هذا التصرف.
وفي هذا يقول ابن قدامة في منع التصرفات الخارجة عن موضوع التجارة إلا بإذن الشريك، يقول: لأن الشركة تنعقد على التجارة، وليس هذه الأنواع تجارة... وليس له أن يقرض ولا يحابي لأنه تبرع وليس له أن يتبرع. انتهى.
والله أعلم.