الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا طلبت الفتاة من وليها تزويجها بالكفء فإنه يلزم الولي تزويجها ، وإلا أثم ، واعتبر عاضلا ، قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب : ( فرع لو التمست البكر البالغة ) العاقلة ( لا الصغيرة التزويج من الأب ) مثلا ( بكفء ) خطبها كما في الأصل وعينته بشخصه أو نوعه حتى لو خطبها أكفاء فالتمست منه التزويج بأحدهم ( لزمه الإجابة ) تحصينا لها كما يجب إطعام الطفل إذا استطعم فإن امتنع أثم وزوجها السلطان . انتهى
وإذا كان هذا في الأب الذي له الولاية عليها ، ففي الأم من باب أولى ، وتراجع الفتوى رقم :20914،
ولا ينبغي للأم مقاطعة زواج ابنتها بغير حق، لا سيما أن البنت محتاجة لها في هذا الشأن .
ولا يوصف عمل الأم السالف الذكر بأنه نشوز ، لأن معنى النشوز معصيتها لزوجها فيما له عليها , مما أوجبه له النكاح , قاله ابن قدامة في المغني، ثم قال مبينا أصل كلمة النشوز ومعددا صورا منه : وأصله من الارتفاع , مأخوذ من النشز , وهو المكان المرتفع , فكأن الناشز ارتفعت عن طاعة زوجها , فسميت ناشزا فمتى امتنعت من فراشه , أو خرجت من منزله بغير إذنه , أو امتنعت من الانتقال معه إلى مسكن مثلها , أو من السفر معه , ... إلى آخر كلامه .
ومع ذلك فهي مطالبة بطاعته ما دام يأمرها بمعروف ولم يأمرها بمعصية ، لما له من الحق عليها ، وسبق بيانه في الفتوى رقم 29957.
وأما بشأن السؤال الأخير : فالأصل أن التشاور مطلوب شرعا ، ولذا أمر الله سبحانه نبيه بمشاورة أصحابه في الأمر قال تعالى: وشاروهم في الأمر ، وأثنى على عباده المؤمنين بقوله: وأمرهم شورى بينهم .
ومشاورة الزوج زوجته مطلوبة خاصة فيما يتعلق بتزويج ابنتها لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : استأمروا النساء في بناتهن . أخرجه أبو داود
قال ابن قدامة في المغني : فصل : ويستحب استئذان المرأة في تزويج ابنتها ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { آمروا النساء في بناتهن } . ولأنها تشاركه في النظر لابنتها , وتحصيل المصلحة لها , لشفقتها عليها , وفي استئذانها تطييب قلبها , وإرضاء لها فتكون أولى .
والله أعلم .