الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل الحديث الذي يشير إليه الأخ الكريم، هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الشؤم في الدار والمرأة والفرس. متفق عليه، وفي رواية: إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والمسكن والمرأة. متفق عليه.
وقد اختلف العلماء في هذا الحديث فقال مالك وطائفة: هو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سبباً للضرر والهلاك بقضاء الله تعالى.
وقال الخطابي وكثيرون: هو في معنى الاستثناء من الطيرة أي الطيرة المنهي عنها، إلا أن يكون له دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع ونحوه. راجع صحيح مسلم بشرح النووي 14/441-442.
وليعلم السائل أن الله إذا جعل في بعض البيوت شؤماً فهو بتقدير الله وبحكمته قدر ذلك، ولا يجوز للمسلم أن يعتقد أن هذه الأشياء تؤثر بذاتها لأن ذلك نوع من الشرك الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك. أخرجه أحمد عن ابن مسعود وسنده صحيح.
وعليه.. فلا مانع من بيع الدار المذكورة إذا كان السائل يكره سكناها، وعليه أن يعتقد أنها لا تجلب ضرراً بنفسها، وإنما ذلك بقضاء الله وقدره، وعليه أن يبين سبب بيعه لها، وإلا كان للمشتري الرد إذا علم أنها مبيعة لما بها من الشؤم، قال الشيخ الدردير يعدد العيوب التي توجب للمشتري الخيار: كملح بئرها بمحل الحلاوة. أي بمحل الآبار التي ماؤها حلو.... أو سوء جارها، أو شؤمها، أو جنها، أو كثرة نملها، أو بقها ونحو ذلك فله الرد بذلك...
قال الدسوقي: (قوله: أو شؤمها) أي بأن كان يترقب المكروه بسكناها كأن يكن من سكنها يموت، أو يحصل له الفقر، أو تموت ذريته. انتهى.
والله أعلم.