الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يجوز لصديقتك هذه الرجوع في هديتها؛ لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: العائد في هبته كالعائد يعود في قيئه. رواه البخاري ومسلم. وقد استدل بالحديث المتقدم جمهور أهل العلم فمنعوا الواهب أن يرجع في هبته بعد أن يقبضها الموهوب له بإذنه.
هذا، وإذا كان الواهب أخذ مقابل هبته عوضا كما في الصورة المعروضة بين السائلة وصديقتها من تبادل الهدايا فإنه لا يستطيع الرجوع في هبته في قول العلماء جميعا.
وذهب المالكية إلى أن الواهب للعوض إذا لم يثب على هبته أن له أن يستردها ما لم تفت, فإن فاتت فعلى الموهوب له قيمتها, جاء في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: والموهوب للعوض إما أثاب القيمة أو رد الهبة, فإن فاتت فعليه قيمتها. قال في الشرح: فعليه قيمتها جبرا عليه، ثم بين محل استحقاق الواهب الثواب بقوله: وذلك أي لزوم القيمة للواهب بعد فوات الهبة مشروط بما إذا كان أي الحال والشأن يرى أي يظن أنه أراد أي قصد الهبة لأجل الثواب أي العوض من الموهوب له، ويعرف ذلك بقرائن الأحوال.
قال خليل: وصُدِّق واهب فيه إن لم يشهد عرف بضده، والحكم المذكور عام ولو كانت الهبة لأجل عرس أو عند قدوم من حج.
وعليه، فإذا لم تكن المهدية (صديقة السائلة) أخذت على هداياها عوضا فلها أن ترجع بها عليك أو بقيمتها إذا كانت وهبت بقصد أن تثيبها على هبتها حسب ما تقدم في قول المالكية.
والله أعلم.