الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تكلمنا في هذا الموضوع في الفتوى رقم : 61125 ، والفتوى رقم : 61863 ، والفتوى رقم : 66274 ، فراجعها وتأمل أدلتها بتأن ، وراجع الفتوى رقم : 69507 ، والفتوى رقم : 66444 ، واعلم أن الابتداء بالحمد والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المشروع في ابتداء كتابة الرسائل وغيرها مشروع أيضا في ابتداء كلام الخطيب والمدرس والمُحاور، فقد ذكر أصحاب السير أن أبا بكر رضي الله عنه لما استشار جماعة من الصحابة في غزوالشام افتتح كل منهم كلامه بالثناء على الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وتشرع كذلك في قراءة القارئ لكتاب يقرؤه كما بيناه في الفتاوى السابقة ، فالداخل على المنتدى إما أن يكون أراد القراءة لما فيه من الفائدة ، أو أراد الحوار أو الإسهام بكتابة في موضوع ما، فاشتغاله بالذكر أو كتابته كلمة ذكر جعلها أصحاب المنتدى كلمة سر للدخول أفضل من إدخال كلمة أخرى لا تفيد، فعملهم يحمل على الدلالة على الخير والحث على الذكر ، ثم إن كفارة المجلس ثبت في حديث الترمذي التعبد بها عند القيام من المجلس الذي حصل فيه كلام وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . والمتحاورون في المنتدى لا فرق بينهم وبين أصحاب المجلس من ناحية كثرة الكلام .
وبناء عليه.. فلا مانع من قيامهم بالذكر عند الخروج من الحوار في المنتدى، ثم إن الإتيان بهذا الذكر مشروع عند القيام من النوم ومن أي مجلس؛ كما حمل عليه قوله تعالى : وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ {الطور: 48 } فلا مانع من إتيان من انتهى من البحث أو المطالعة به، وقد اختار حمله على القيام من النوم الطبري ، وروى ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح أنه فسرها بالقيام من كل مجلس، ويدل لهذا ما في سنن أبي داود وصحيح ابن حبان عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلس عند قيامه ثلاث مرات إلا كفر بهن عنه، ولا يقولهن في مجلس خير ومجلس ذكر إلا ختم له بهن عليه كما يختم بالخاتم على الصحيفة : سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك .
وذكر ابن حبان له رواية أخرى عن أبي هريرة مرفوعة ، وقد صحح الحديث الشيخ الألباني فقال: صحيح دون قوله ثلاث مرات . وفي الحديث أيضا : من قال سبحان الله وبحمده, سبحانك اللهم وبحمدك, أشهد أن لا إله إلا أنت, أستغفرك وأتوب إليك، فقالها في مجلس ذكر كان كالطابع يطبع عليه ، ومن قالها في مجلس لغو كان كفارة له . رواه النسائي والحاكم وصححه الألباني .
والله أعلم .