الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما حصل بينكما من اتفاق على قسمة رأس مال المضاربة قبل نضوضه -أي تحوله من أعيان إلى نقود- صحيح سواء كانت قسمة عين أو قيمة، بشرط أن يكون المعتبر قيمة رأس المال وقت القسمة دون زيادة أو نقصان. قال السرخسي في المبسوط: ولو أن رجلا أعطى رجلا دنانير مضاربة فعمل بها ثم أراد القسمة كان لرب المال أن يستوفي دنانير أو يأخذ من المال بقيمتها يوم يقتسمون؛ لأن المضارب شريك في الربح، ولا يظهر الربح إلا بعد وصول كمال رأس المال إلى رب المال إما باعتبار العين أو باعتبار القيمة. وقد بينا في إظهار الربح أن المعتبر قيمة رأس المال في وقت القسمة. انتهى.
وإذا جاز اقتسام رأس المال بقيمته جاز أن يكون نصيب رب المال من رأس ماله وربحه في ذمة العامل كما هو الحاصل للسائل، ولا يجوز للعامل بعد ذلك أن يمتنع من السداد مع قدرته عليه، فمماطلة العامل لرب المال محرمة إذا كان مليئا، أما إذا كان معسرا فليس أمام رب المال إلا إنظاره إلى يساره. قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة: 280}
فإذا رأى رب المال شدة عسره وعدم تمكنه من السداد استحب له العفو والتنازل، ولا يجوز له أن يلجئه إلى الاقتراض بالربا لسداد دينه. قال الله تعالى: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 280} وراجع الفتوى رقم:8151، والفتوى رقم: 53270.
فإذا لم ينظر رب المال المضارب ولم يعف عنه لم يجز للمضارب أن يقترض من البنك الربوي إلا عند الضرورة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 21048.
ولمعرفة حكم دفع ما يسمى بالمصروفات الإدارية عند الاقتراض من البنوك الربوية راجع الفتوى رقم: 63989.
والله أعلم.