الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ورد النهي عن التطير كما سبق في الفتوى رقم: 45362، والفتوى رقم: 61432، ولا ينبغي أن يستسلم الإنسان لما يجده في نفسه من التشاؤم، بل يثق بالله تعالى ويعلم أن الأمر كله بيد الله تعالى، وأنه سبحانه النافع الضار، ولكن إن خشي الإنسان ـ من إقدامه على السكن في دار تشاءم منها ـ فساد اعتقاده، بأن يظن بأن الشؤم له فاعلية فيما يجرى عليه من المصائب والإشكالات فخير له أن يترك سكنى تلك الدار حفظاً لمعتقده من الوقوع في الفساد، وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الشؤم في ثلاثة؛ في الفرس والمرأة والدار.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: قال عبد الرزاق في مصنفه عن معمر سمعت من يفسر هذا الحديث يقول شؤم المرأة إذا كانت غير ولود، وشؤم الفرس إذا لم يغز عليه، وشؤم الدار جار السوء، وروى أبو داود في الطب عن ابن قاسم عن مالك أنه سئل عنه فقال: كم من دار سكنها ناس فهلكوا.... قال ابن العربي لم يرد مالك إضافة الشؤم إلى الدار وإنما هو عبارة عن جري العادة فيها، فأشار إلى أنه ينبغي للمرء الخروج عنها صيانة لاعتقاده عن التعلق بالباطل...
قلت (والقائل هو ابن حجر) وما أشار إليه بن العربي في تأويل كلام مالك أولى وهو نظير الأمر بالفرار من المجذوم مع صحة نفي العدوى والمراد بذلك حسم المادة وسد الذريعة لئلا يوافق شيء من ذلك القدر، فيعتقد من وقع له أن ذلك من العدوى أو من الطيرة فيقع في اعتقاد ما نهي عن اعتقاده فأشير إلى اجتناب مثل ذلك والطريق فيمن وقع له ذلك في الدار مثلا أن يبادر إلى التحول منها لأنه متى استمر فيها ربما حمله ذلك على اعتقاد صحة الطيرة والتشاؤم......
والله أعلم.