الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف فيما اطلعنا عليه من كتب السنة وكتب السير والتاريخ على خبر بذلك ، وربما حصل وهم في قصة أبي دجانة رضي الله عنه يوم أحد لما اختال في مشيته بين الصفين، فقال صلى الله عليه وسلم : إنها مشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع . رواه الطبراني في المعجم الكبير. قال المناوي في فيض القدير: التبختر مشية يبغضها الله إلا بين الصفين، فإذا علمت أن للمواطن أحكاماً فافعل بمقتضاها تكن حكيماً.
فربما اختلطت عليك قصة أبي دجانة تلك مع قصة الرجل الذي أبلى مع المسلمين بلاء حسناً وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أهل النار، وقصته في الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: التقى النبي صلى الله عليه وسلم هو والمشركون فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان! فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أما إنه من أهل النار ! فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، قال: فجرح الرجل جرحاً شديداً فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه. فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله قال: وما ذاك؟ قال: الرجل الذي ذكرت آنفاً أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به فخرجت في طلبه ثم جرح جرحاً شديداً فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه. هذا مجمل ما وقفنا عليه مما له صلة بما ذكرت ونأمل أن يكون فيه جواب ما سألت عنه .
والله أعلم .