الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اتفق أهل العلم على أن الزنا لا يثبت بأقل من أربعة من الشهود، بخلاف سائر الأمور الأخرى، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4}.
ومن صفة الشهود أن يكونوا عدولا، ومن شرط الشهادة أن تكون بمعاينة فرجه في فرجها، وأن تكون بالتصريح لا بالكناية.
ولا فرق بين الاغتصاب والزنا إلا في كون الإثم والحد ساقطين عن المرأة في الاغتصاب دون الزنا، وأن لها حقوقا على المغتصب.
وأما إثبات الاغتصاب بالوسائل الطبية الحديثة فلا يصح، لأن الله تعالى جعل للزنا أربعة من الشهود مع تحديد كيفية معينة لأداء الشهادة فيه، وكل ذلك من أجل الستر وصيانة الأنفس والأعراض، فلا يجوز العدول عن ذلك والاكتفاء بوسائل قد لا يثبت بها ما هو أخف من الزنا.
ثم إنه غير صحيح أن الاغتصاب لا يكون له شهود عادة، بل الشهادة عليه أقرب من الشهادة على الزنا. لأن المرأة المغتصبة يفترض أن تصيح وتستنجد، بخلاف الزنا، فإنها مثل الرجل في التستر عن الناس. ولو افترضنا أن امرأة استنجدت ووجد من يحاول اغتصابها، فإن للسلطات أن تحقق معه، فإن أقر بأنه قام بالاغتصاب فإقراره كاف عن إحضار الشهود فالإقرار سيد الأدلة.
والله أعلم.